شخصيات عربيةعاجل

ليلي خالد صاغت مرحلة جديدة من النضال الفلسطينى

 

رؤية تحليلية : نجوى إبراهيم

ولدت ليلى خالد بمدينة حيفا شمال فلسطين عام 1944 ,وكانت وقتها لا تزال فلسطين تحت الانتداب البريطانى فلم تعش ليلى طفولة هادئة ،ففى نوفمبر 1947أعلنت الأمم المتحدة  قرار تقسيم فلسطين بين الفلسطينيين واليهود ..ورغم أنها كانت فى سن صغيرة وقتها ,ولم تتذكر الكثير من المشاهد المؤلمة للقتلى ,لكنها روت فى مذكراتها أن هذه الفترة شهدت مواجهات وحرب شنتها القوات الإسرائيلية على الفلسطينيين ,وذكرت أنها شهدت حظر التجول فى ذلك الوقت ,ولم تكن تدرى وقتها معنى هذه الكلمة ,وكانت تسمع صوت الرصاص,وتشاهد جثامين الموتى المقتولين أما منزلها

وأثناء حرب 48 قام غالبية سكان العرب، بمن فيهم عائلة ليلى، باللجوء إلى مدينة صور اللبنانية,وانتقلت ليلى وأخوتها ووالدتها إلى المخيمات فى لبنان وظل والدها فى فلسطين لحراسة منزل العائلة ومقهاه ,والتحق بالمقاولة الفلسطينية بعد ذلك.

لم تتذكر ليلى الكثير عن لحظات الخروج من الأرض، لكنّها كانت تتذكر دائما أحاديث والدها ووالدتها وتذكر ليلى في مذكراتها أنها وإخوتها عاشوا ظروفا صعبة وحياة تعيسة، فقد كانت والدتهم تجابه كل طلباتهم بالرفض وترد بعبارة واحدة وهي “لسنا في فلسطين”.

فعاشت حياتها تبحث عن فرصة الثأر.

تلقت ليلى تعليمها الأولى في مدرسة الكنيسة الإنجيلية الخيرية، التي كانت  خيمة كبيرة أقيمت في المخيم لتعليم الفلسطينيين، وانتقلت إلى مدرسة صيدا فواصلت فيها الدراسة حتى نالت شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) عام 1962,ثم انتقلت إلى بيروت لتدرس بالجامعة الأمريكية هناك بعدأن طلبت من أخاها الذى كان يعيش فى دولة الكويت بالتكفل بمصروفات الدراسة ,ولكنها لم تستطع إكمال دراستها بها لعدم مقدرة أخاها على ارسال المصروفات.

أدركت ليلى خالد مبكرا أن الجهاد والنضال هما السبيل الوحيد للعودة إلى الوطن فكانت تستمع وهى فى سن الثامنة إلى حوارات أخيها الأكبر مع والدها ,وبدأت تفهم من المسئول عن خروجهم من فلسطين ,وفى سن ال 15 انضمت ليلى إلى حركة القوميين العرب فى عام 1959,وخلال المرحلة الجامعية انضمت ليلى إلى الاتحاد العام لطلبة فلسطين ,ولكنها سافرت الى الكويت للعمل مدرسة هناك ,وكانت تمارس العمل السياسى بالحركة سرا,انضمت إلى الجبهو الشعبية لتحرير فلسطين منذ تأسيسها عام 1967, وسعت إلى أن يكون فرع لها فى الكويت, ثم أنضمت إلى الجناح العسكرى بالجبهة الذي كان يقوده وديع حداد

العملية الأولى

قام” وديع حداد” باختيارها للقيام بأولى عملياتها وهي خطف طائرة  TWA”” أمريكية  أثناء رحلة من روما إلى أثينا ثم تل أبيب,وتم ارسالها الى روما للتدريب على العملية , وفى التاسع والعشرين من أغسطس قامت ليلى بمساعدة رفيقها سليم العيساوى بالصعود على الطائرة ,والسيطرة عليها وإجبار القائدها على تغيير مسارها إلى دمشق ,وأطلقت على نفسه اسم “شادية أبو غزالة” على اسم أول مقاتلة تسقط من “الجبهة الشعبية”.

وبعد ذلك أنزلوا الركاب وفجروا كبينة الطائرة,وذكرت ليلى فى إحدى حواراتها أنها لم تشعر بالخوف رغم خطورة المهمة وكانت متحمسة وتشعر بالاعتزاز بما فعلته ,ولذلك قررت استكمال النضال .

وذكرت :إننا لم نكن نريد الهبوط فى تل أبيب بل كنا نحلق فوق أرض فلسطين بغرض التذكير بقضيتنا , وحلقنا فوق حيفا ثم توجهنا الى مطار دمشق وكانت هذه أول مرة تهبط طائرة أمريكية فيه وسلمنا أنفسنا للسلطات السورية وتولى الصليب الأحمر عملية التفاوض,وتم الإفراج عن 23 أسيرا فلسطينيا وعربيا وعن طيارين سوريين كانوا أسروا فى حرب 1967

أدت نجاح العملية الأولى إلى إثارة انتباه الرأي العام العالمي إلى القضية الفلسطينية، وتغيير النظرة التي روج لها الإعلام الإسرائيلي بأن الفلسطينيين فلاحون لاجئون، فرأتهم بعض وسائل الإعلام الغربية ثوريين في حين رأتهم وكالات إعلام أخرى “إرهابيين” ورأتهم جهات ثالثة “ضحايا إرهاب دولي”.

عمليات اغتيال

بعد عملية اختطاف الطائرة الأولى حاول”الموساد” اغتيالها أكثر من مرة ففى احدى المرات كانت فى منزل قائدها وديع حداد فى بيروت ,وكان الموساد يستهدفه هو ايضا نظرا لتكرار عمليات خطف الطائرات ,وكان يطلقون عليه هو والجبهة الشعبية “امبراطورية الإرهاب ” وقام الموساد بالفعل بقصف غرفة نومه، لكن انشغاله بحديث مع” ليلى خالد “في غرفة أخرى أنقذ الاثنين,وتم اصابة ابنه وزوجته ولذلك جاءت عملية الاختطاف الثانية رداً على محاولة الاغتيال.

وبعد عام واحد من العملية الأولى  تم الاتفاق على القيام  بالعملية الثانية وهى اختطاف طائرة بوينع 707 التابعة لشركة العال الإسرائيلية  ,ولأن صورها انتشرت بعد العملية الأولى لذلك قررت تغيير ملامح وجهها ,وأجرت عدة عمليات تجميلية غيرت فيها ملامحها تماما حتى لا يتعرف عليها الأمن بالمطار,وذكرت ليلى فى مذكراتها التى حملت عنوان” شعبى سيحيا”  أنها احتاجت عدة عمليات لكى تغير شكل أنفها ووجهها واستمرت سنوات تعانى صداعا مزمنا نتيجة لهذ العمليات التى غيرت شكلها للأسوأ .

وفي السادس من سبتمبر 1970 صعدت ليلى على متن الطائرة الإسرائيلية “العال” برفقة زميلها “باتريك أرغويو “والتي كانت متجهة إلى نيويورك،إلا أنهما لم يستطعا السيطرة على الطائرة وتم قتل زميلها، ونزلت الطائرة في مطار هيثرو ببريطانياواعتقالتها السلطات البريطانيا بعد تنازع الأمن البريطانى والأمن الاسرائيلى ونقلت بسيارة إسعاف للعلاج حيث كانت غارقة بدمائها من الضرب ,وبعد علاجها مكثت في الحجز نحو 28 يومًا، حتى خرجت فيما بعد في صفقة تبادل أسرى..

تزامن مع اختطاف طائرة العاج خطف 3 طائرات أخرى عن طريق فتيات نجحت اثنتان منهم بالفعل، ونزلوا بالطائرتين إلى مطار الثورة بالأردن ,وكان الهدف من عمليات خطف الطائرات وفقا لما ذكرته المناضلة الفلسطينية فى مذكراتها هو اطلاق سراح  الأسرى من سجون الاحتلال ,وفضح انتهاكات الاحتلال على أرض فلسطين

زر الذهاب إلى الأعلى