هاني كمال يكتب : لن مبتداه.. !!

ببراءة الاطفال التي لم اتخلص منها الا بعد ان تجاوزت الخمسين، منذ حوالي 35 عام تقريبا, كنت في زيارة لمقر عمل ابي في مطبعته الخاصة, وخلال تجولي اقتربت من احدي ماكينات الطباعة, وتناولت احدي الورقات المطبوعة, وبدأت اقرأها وانظر الي صورة الشخص وانا في حالة من الانبهار, وكانت تلك الورقة التي مازالت رائحة الحبر تفوح منها وقتها, لافته انتخابية لاحد مرشحي مجلس الشعب وقتها, وضع عليها صورته ورمزه الانتخابي وبرنامجه وشعارا براقا لحملته الانتخابية.
سألت ابي هل تعرف هذا الرجل شخصيا, وهل يمكن ان التقي به واراه, وألححت في طلبي وسؤالي, ليسألني ابي بدوره. لماذا تريد ان تقابل هذا الرجل, وأجبته ان برنامجه الانتخابي وشعاره قد الهمني واشعل بداخلي رغبة جارفه ان اكون من اولئك الداعمين له والمؤازرين لحملته الانتخابية حتي ينجح ويصبح عضوا بالبرلمان.
ضحك والدي وتركني دون ان يعلق علي كلامي وذهب الي مكتبه, وبحماسة خالطها الحيرة وبعض من الغضب اسرعت خلفة واعدت عليه طلبي وكأنني لم افعل سابقا, وجاء رد ابي الي بحديث لم افقهه الا بعد 30 عام.
قال : هل تعلم ما الذي يكتبه المرشح لاي منصب سياسي في دعايته, اجبت طبعا, شعار حملته وبرنامجه الانتخابي, رد ضاحكا, لا, اسمع , عليك انت تعلم هذا جيدا, كل مرشح لاي منصب او سياسي, يطبع دعايته مكتوب عليها شئ واحد, ستجده عندهم جميعا, نظرت الي الورقة بيدي , وتجولت بذاكرتي علي ما صادفته من لافتات انتخابية , فلم اجد شيء قد يكون مشتركا بينهم غير كلمة مرشحكم لمجلس الشعب.
أشرت باصبعي الي الكلمة علي اللافتة التي بيدي وقلت لابي, هل تقصد مرشحكم لمجلس الشعب, قال لا, قلت فماذا اذا, رد مبتسما, ايا ما كانت الانتخابات وايا ما كان المنصب المرشح له اي سياسي, فسوق يشرع في طباعة لافته مكتوب عليها ما لن يفعله.
مرت السنوات لم اتذكر تلك العبارة او الموقف الا منذ 12 تقريبا عندما رأيت اول لافته دعائية لاحد مرشحي التيار السلفي لرئاسة الجمهورية, لا اعرف لماذا عادت كلمات ابي الي مسامعي بعد كل تلك السنوات, ووجدت نفسي اتابع كل المرشحين والسياسيين منذ هذا اليوم, سواء كانت انتخابات نقابية او عامة, وصرت اكتب كل الشعارات والوعود التي تقدم للناس واكتبها مسبوقة بكلمة لن .
