شخصيات عربيةعاجل

ملك حفنى ناصف..باحثة البادية.. كرست حياتها لتحرير المرأة والدفاع عن حقوقها

عاشت تجربة أليمة بسبب عدم انجابها .. كانت مؤمنة بأن التعليم هو السبيل الوحيد لتحرير العقل.. حاربت تعدد الزوجات وطالبت بمنع زواج الفتيات الأقل من 16 عاما 

نجوى إبراهيم

“باحثة البادية” ..أديبة وشاعرة مصرية لعبت دورا رائدًا في مجال حقوق المرأة..أول من دعت إلى تحرير وإنصاف المرأة فى أوائل القرن العشرين ..إنها ” ملك حفنى ناصف” أول فتاة في مصر تحصل على الشهادة الابتدائية.. اعتبرها الكثير من المثقفين والأدباء أول ناشطة مصرية فى مجال حقوق المرأة ..وكان هذا سببا فى ظهور اسمها في العديد من الشوارع والمؤسسات فى ذلك الوقت ..عاشت بعد زواجها فى بيئة البادية وفى تلك البيئة تعرفت عن قرب كيف تعيش المرأة وكيف تنتهك حقوقها ..فكرست حياتها للدعوة إلى الإصلاح وتحرير المرأة بما لا يتعارض مع الدين أو التقاليد.

 تركت تجربة الزواج فى نفسها أثرا سيئا فى نفسها فعدم إنجابها جعلها تعانى كثيرا ووصمها مجتمع البادية بأنها عاقر..إلا أن هذا جعلها تتمرد على هذه التقاليد.. 

كانت تجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية وتعرف شيئا من اللغات الأخرى، وهذا ما ساعدها في عملها..

أسست اتحاد النساء التهذيبي فضمَّ كثيرًا من السيدات المصريات والعربيات وبعض الأجنبيات، وكان هدفه توجيه المرأة إلى ما فيه صلاحها..كانت شغوفة كثيراً بتعاليم الفقراء والمحتاجين ، وكانت حريصاً على تعليم المرأة الوعي السياسي ، وانتقد قانون النشر ، وكتبت له قصيدة.

كانت شغوفة بالوطنية التي تعلمتها من والدها ، والتي ساعدتها على حل قضايا حرية الناس..انضمت إلى الحركة الفكرية التي أسسها الشيخ محمد عبده وسعد زغلول وقاسم أمين وساعدت ليبيا أثناء الاحتلال عام 1911 ، أسست جمعية لمساعدة المنكوبيين ,وقدمت المساعدة لضحايا العدوان الإيطالي في مدينة طرابلس, 

تركت كتابًا بعنوان “النسائيات”، ومجموعة شعرية متفرقة في شئون المرأة كالزواج والطلاق والسفور والحجاب، والتحرر  ،و المساواة والتعليم والعمل…

شكلت مساهماتها في التحرر الفكري والسياسي للمرأة المصرية في أوائل القرن العشرين أساسًا بنيت عليه العديد من الإصلاحات ..واجهت “ملك” العديد من الانتقادات نتيجة مناصرتها لتحرير المرأة والمطالبة بالاصلاح الاجتماعى الأمر الذى دفعها إلى نشر العديد من المقالات الهادفة بجريدة الجريدة باسم مستعار وهو “باحثة البادية تحت عنوان نسائيات وكانت تدعو إلى حقوق المرأة وتطرقت إلى حقوقها فى التعليم والزواج والطلاق.

كتبت عنها الأديبة اللبنانية “مي زيادة”، ونشرت الكاتبة الكبيرة عائشة عبدالرحمن “بنت الشاطئ” دراسة عنها، وعندما توفيت رثاها الشعراء “أحمد شوقي” و”حافظ إبراهيم” و”خليل مطران”

النشأة والتعليم

ولدت “ملك حفنى ناصف”فى حى الجمالية بالقاهرة في الخامس والعشرين من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1886 لأسرة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة, وشاء القدر أن يتفق يوم مولدها مع زفاف الأميرة “ملك” إلى الأمير “حسين كامل”الذى سار سلطانا بعد ذلك,وكان هذا سببا فى تسميتها “ملك “على اسم الأميرة .. 

والدها هو الشاعر” حفنى ناصف بك ” رجل القانون والشاعر واستاذ اللغة العربية وأحد مؤسسي الجامعة المصرية.. كان ناصف يعمل محاميا، وألف العديد من الكتب المدرسية.

شجع ابنته على التعلم ورباها على الأخلاق والعادات المصرية الأصيلة، حتى كبرت وأولعت بالشعر العربي، وكانت تلجأ للكتابة في أوقات فراغها.

بدأت ملك في تلقي التعليم في مدرسة أجنبية , ثم التحقت بالمدرسة السنيَّة، حيث وحصلت منها على الشهادة الابتدائية سنة 1900، وهي أول سنة تقدمت فيها الفتيات لأداء الامتحان للحصول على تلك الشهادة، وكانت ملك أول فتاة مصرية نالت هذه الشهادة، ثم انتقلت إلى القسم العالي (قسم المعلمات) بالمدرسة نفسها، وكانت أولى الناجحات في عام 1903. وبعد تدريب عملي على التدريس مدة عامين تسلَّمت الدبلوم عام 1905 كما حصلت على شهادة التعليم العالي ، كما درست في المدرسة السنية في القسم المتخرج , إلا أنها اضطرت للاستقالة بعد عامين نظرا لزواجها عام 1907، حيث أن القانون المصري وقتها كان يمنع عمل المرأة في مجال التدريس بعد زواجها.

تزوجت” ملك ” عام 1907 بأحد أعيان الفيوم شيخ العرب عبد الستار الباسل، رئيس قبيلة الرماح الليبية بالفيوم

وبعد الزواج انتقلت ملك للعيش فى الفيوم “مجتمع البادية ..وفى البيئة الجديدة اتخذت لنفسها لقب “باحثة البادية” اشتقاقًا من بادية الفيوم التي تأثرت بها وفي تلك البيئة عرفت عن قرب الحياة المتدنية التي تعيشها المرأة، ومن ثم وقفت نشاطها على الدعوة إلى الإصلاح وتحرير المرأة بما لا يتعارض مع الدين أو التقاليد

وقد تركت تجربة الزواج في نفس ملك ناصف أثرا سلبيا، فقد شاءت الظروف ألا تنجب بعد مرور سنوات على زواجها، عانت مما تعانيه المرأة العاقر في مجتمع البادية، فكانت موضع السخرية، والاستخفاف، فجرح كبرياؤها، ورغم ذلك تحملت ملك الأذى وصمتت على ما تحملته من الإهانات ,ولكنها ذات يوم علمت بعودة زوجها إلى زوجته الأولى التى كان لديه منها بنتا ..وهذا الأمر ذاد من معاناتها وعندما طلبت الطلاق رفض وأهانها ..وعاشت سبع سنوات في هذه المعاناة، عبرت عن مشاعرها وحزنها فى كتاباتها ، فكانت في كتاباتها ثائرة على الطلاق، علي نحو يعكس تجربتها الخاصة في الحياة. فكرست قلمها لقضايا حرية المرأة في المجتمع، والطلاق، والمرأة العاقر. كانت المفاجأة الكبرى في حياتها حينما خضعت لتشخيص طبيب مشهور في أمراض النساء، فاكتشفت أن سبب عدم إنجابها يرجع إلى زوجها، وليس إليها، حيث كان قد أصيب بعد زواجه الأول، وإنجاب ابنته، بمرض اضطره إلى إجراء عملية جراحية، أصيب بسببها بالعقم، فسبب لها هذا حزناً فوق حزنها.

كرست ملك وقتها للكتابة باسم مستعار. وتجربتها الأليمة مع الزواج دفعتها إلى تكريس كتاباتها حول وضع المرأة المصرية. تشابهت كتاباتها إلى حد كبير مع العديد من كتاب تلك المرحلة أمثال مي زيادة وقاسم أمين.

بدأت ملك بنشر أعمالها في الصحف، كما تحدثت في المنابر الجامعية والمقرات الحزبية. وفي عام 1909 نشرت جريدة الجريدة مجموعة من مقالاتها كتاباتها، وهكذا شكلت صوتا مناصرًا للمرأة في المجتمع .

زر الذهاب إلى الأعلى