إبداعات عربيةعاجلملفات

ملف..غزو العراق فى عيون الأدباء والشعراء .. الفنانون والمفكرون كانوا ضد الحرب

والأدباء تحدثوا عن لحظة الإعدام ... رحلة خلود أم رحلة نهائية

– وصفها الأجانب بأنها عمل لصوص يكشف عن احتقار للقانون الدولي

– مشهد سقوط تمثال صدام لا يعنى رمى  الامريكان بالزهور..

تقرير : نجوى إبراهيم 

لا شك أن الغزو الأمريكى للعراق واعتقال الرئيس “صدام حسين و اعدامه “..يعد أحد أهم الأحداث فى التاريخ الحديث. هذا العدوان الذى وصفه الرئيس العراقى “صدام حسين بأنه ” الوقعة العظمى” ففى فجر يوم الخميس الموافق 20 من شهرمارس عام 2003 واستمرت المعركة حتى ضحى يوم 9 إبريل 2003، أى لمدة 20 يومًا وتوقفت فى اليوم الواحد والعشرين .

دخلت القوات الأمريكية بغداد، ورأى الناس،وأعينهم تفيض من الدمع، وطنًا عزيزًا يداس بالأقدام،وشاهدوا على شاشات التليفزيون عاصمة عربية كبيرة، كانت يومًا بيضة الإسلام، ومقر الخلافة العباسية، رأوها تقع فى أيدي المغتصبين الأمريكان..،روايات كثيرة تحكى تاريخ العراق أثناء حكم صدام وسقوطه واعتقاله ..تناولته كتب الأدب بمختلف صنوفه من شعر ونثر وقصص وروايات ومذكرات معبرا عن معاناة أهل العراق من ظلم المعتدى وقمعه ووحشية جرائمه التى اقترافها من قتل وتدمير وإبادة ..فبالجهاد الأدبى والفكرى وثقت تلك المرحلة .

وجسد الكتاب والأدباء التناقض الصارخ بين من يضرب ومن يُضرب  بين العراقى الأعزل و المقاتل الأمريكى المدجج بالسلاح ..وأصبح القاتل يقف فى الساحات ليحدث الناس عن عمله فى القتل والتدمير ثم يزعم أنه ينشر الحرية ويجلب الخير ..

واستنكرت دواوين الشعراء العدوان على المدن العراقية ، مستذكرين تلك المدن القوية والجميلة، راثين حالها بعد وقوع العدوان عليها ..

وهناك من كان يدرك أن الحرب قادمة ..فكتب الشاعر العراقى “على الأمارة” الذى كشف الأهداف الحقيقية للحرب وهو الاستيلاء على النفط قائلا:إن النفط نفطنا ..وهو دم المحاربين القدامى وهو عصارة العقول التى غيرت مجرى التاريخ ..كان الشاعر يعى أن هذه الحرب من أجل النفط، والقصيدة نشرت قبل الحرب، حينما رأى الشاعر على الأمارة الجيش البريطاني ينقل عمال شركة إلى البصرة استعدادًا لنهب النفط في البصرة ,وأنها سرقة مفضوحة لثروة البلاد تتداعى الجيوش لنهبها،ولا مانع من تدمير الإنسان العراقي بتاريخه وما بناه عبر الزمن، ما دام ذلك سيخدم الإنسان الرأسمالي في حربه من أجل المال والنفوذ والسلطة، فالنفط، كما قال “عبد الرحمن منيف” “هذه الثروة التي كانت نعمة ونقمة على البلدان التي وجدت فيها، ولا تزال كذلك إلى الآن.

ورغم أن أغلب المثقفين فى العالم كانوا يعلنون أعجابهم الشديد بأسلوب الحياة الأمريكية ولكن الأغلبية منهم ومن الشعوب كانت ضد الحرب ..فالجميع كان يعلم أن حرب هى دمار وخراب ، “فقد هبت الشعوب في كل مكان ضد الحرب كما ذكر الدكتور إبراهيم محمد منصور استاذ اللغة العربية فى دراسته بعنوان “الحرب والشعر ..الحرب على العراق فى الشعر المعاصر”..وكان الفنانون والشعراء والمفكرون ورجال الدين  كلهم ضد هذه الحرب، وكان من رجال السياسة من وقف ضد الحرب،ومنهم وزير خارجية فرنسا “دوفلبان” وهو شاعر ،ومنهم محاضير محمد رئيس وزراء ماليزيا، وكذلك سرجيوفييرا ديمليو” مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان،الذي دفع حياته ثمًنا لجهاده من أجل العمل الإنساني في العراق، فمات في انفجار مبنى الأمم المتحدة في بغداد بعد انتهاء الحرب الرسمية.

وذكر “إدوارد سعيد” في مقال له نشر بعد سقوط بغداد”أن غالبية الأمريكيين حتى اليوم لا تعرف أين تقع العراق،وما تاريخه.

بدأت هذه الحرب بالكلام وانتهت بالكلام هذا هو ما جسده نصر بن سيار “فإن النار بالعودين تذكى وأن الحرب أولها الكلام”..مؤكدا أن هذا الكلام ينطوى على كذب وادعاءات بشأن الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وأسلحة الدمار الشامل،وكما توقع الجميع من فنانين وشعراء ومثقفين، ومن جماهير في العالم كله وقفت ضد الحرب، فإن الحرب قد أنتجت الدمار والخراب، وأزهقت الأنفس والثمرات.

وتصدى الكتاب والشعراء فى العالم أجمع يفضحون العدوان الأمريكى ويفضحون ادعاءات الأمريكان فالاديب الالمانى “جونتر جراس الذى حصل على جائزة نوبل كتب مستنكرا العدوان الأمريكى قال ” هل هذه حقا هي الولايات المتحدة البلد الذي كنا ننظر إليه بغرام، المحسن الكريم، صاحب خطة مارشال؟ وصاحب دروس الديمقراطية , وانتبه الشعراء في كل أنحاء العالم لخطورة الحرب ,وحقيقة أهدافها وكتبت آلاف القصائد تندد بالحرب 

وكان الكاتب والشاعر البريطاني هارولد بنتر الحائز على جائزة نوبل ,من أقوى الأصوات العالمية التي وقفت ضد الحرب، و أدانت العدوان على العراق وغزوه  بالجيوش الأمريكية والبريطانية ,وقال بنتر عن الغزو ” إنما هو عمل لصوص يكشف عن احتقار للقانون الدولي ” كما وصف الولايات المتحدة بأنها “دولة تديرها عصابة من المجرمين المجانين” 

وفى الشعر العربى جسد الشعراء غزو العراق تلك الحرب التى تطيح بإخوانه وتطيح بالتاريخ والثقافة والثروة النفطية .

اثناء فترة الحرب سيطر الاكتئاب على الكثير من الأدباء خاصة عند انتقال الحدث من مستوى المأساة الإنسانية الكبيرة إلى مستوى العرض التليفزيونى أخرس الجميع وصرفهم نحو الإكتئاب ..كما أوضحت دراسة الشعر والحرب للدكتور “ابراهيم عبد الحميد” ووقت الحرب نشرت نصوصًا كثيرة، وكانت القضية أما م الشعراء هى قضية إنسانية , تقول الشاعرة “بثينة الناصرى “المقيمة فى القاهرة “لا أعرف ما الذي ينبغي أن أفعله، لعلي أريد أن آخذ سلاحا و أدافع عن بلدي، لا أظنني أستطيع التعبير عن كل هذا القبح الذي يحدث..

وجسد الشاعر “زهير بن سلمى “وغيره من الشعراء الحرب بأنها مأساة وتحدث عن الانسان العربى الأعزل الذى لا صلة له بالحرب فهو ليس جنديا ومع ذلك فهو مجبر عليها ويدفع إلى أتونها ,فلا يملك من أمره شيئًا,

وانتقدت الكاتبة المصرية “فاطمة ناعوت “من موقف الشعراء والفنانين تجاه الحرب فى قصيدتها “نصف نوتة” 

 ورغم أن الحرب لم تستمر طويلا من الناحية الرسمية ,ولكن الدمار مستمر والقتلى يتساقطون وظل الشعراء والأدباء يتحدثون عن ويلات الحرب فيقول الشاعر العراقى ” علي حبش “فى قصيدته كدمات بغداد كيف أنظف لغتى من الجنود ومن أسلاكهم الشائكة ..بغداد تبتعد عن أصابعى كل يوم وعلى صدرى تنبض كدماتها

صاحب الخداع الحرب على العراق ..كما صاحبها الكذب فتردد على ألسنة بعض العراقيين الذين حندتهم أمريكا 

سجل الشعر العربي عناصر المأساة العربية والعراقيةعلى مراحل متتابعة، ونشرت القصائد والدواوين الجماعية

والفردية، ولم تكن الأشعار تنحاز لموضوع دون موضوع،ولا كانت اللغة الشعرية تقف عند حدود، فشاركت العامية مع الفصحى وشارك الشعر العمودي مع الشعر الحر وقصيدة النثر.وفي العراق لم تعد الحرب موضوعا منفصلا عن كلام العراقيين وكتابتهم وهمهم اليومي، فقد طال عهد العراقي

بالحرب حتى اعتادها، إنه لم يعد بحاجة إلى كتابة القصائد عنها، بل أصبحت كلمة الحرب ومستلزماتها تأتي في كلام الشاعر العراقي في كل مناسبة، يقول الشاعر صلاح حيثاني وهو شاعر عراقي يعيش في هولندا:

بإمكانك أن تتصوري رجلا يعبث طوال الليل بكائناته..يعبث بفصيلة نادرة من الرخويات الضالة

أما سعدي يوسف فهو يرى الحرب تسكن بغداد اليتيمة , وهو يعيش تحت أصوات القصف برغم أنه بعيد هناك في مدينة لندن حيث الضاحية التي لا تسمع الطيران ولا تدري .

جسد الشعر العربى العدوان على العراق والحرب التى ر،اح ضحيتها مئات الألوف من العراقيين وتم نهب تراثها الثقافى وايضا النفط .. فرصد الشعراء كل كبيرة, وصغيرة تخص العراق والعرب والتاريخ والثقافة والعرض والشرف والدين والثروة المادية والروحية، كما رصد الشعراء العبث والكذب والخيانة والتواطؤ والعجز

إعدام صدام 

ورغم مرور 18 سنة على رحيل الرئيس العراقي صدام حسين، واسمه لا يزال حاضرا فى مجالس الأدباء والكتاب والشعراء.. فيقول “عبد الرزاق الدليمى” مؤلف كتاب الدعاية والشائعات والرأى العام رؤية معاصرة :أن نقل مشهد سقوط تمثال صدام حسين فى ساحة الفردوس لم يشهده إلا قلة من المراقبين ،وتم اذاعته على شاشات التليفزيون باعتباره الحدث الأهم والذى يشير ترحيب العراقيين بالاحتلال الامريكي وذكر كتاب أسلحة الخداع الشامل اذا رحب العراقيون بسقوط التمثال فهذا لا يعنى ترحيبهم بالأمريكان 

وفى كتاب”صدام حسين” لم يُعدم : أكاذيب أمريكا وأسرار لعبة الشبيه” يقول مؤلفه “أنيس الدغيدي” إن كتابه يحمل رسالة تفضح أكاذيب أمريكا،ويذكر الأدلة والبراهين على أن صدام لم يعدم ،قائلا :بينما كانت الكاميرا تدور في بغداد لتسجل ما نعتقد أنه إعدام الرئيس العراقي الأسبق المخلوع “صدام حسين”، كانت المطابع تدور أيضاً لتحمل وجهة نظر أخرى يعتقد صاحبها إلى درجة اليقين أن من تم إعدامه ليس “صدام حسين”.

ويقول المؤلف في المقدمة أن العالم كله اقتنع بكذبة بوش إلا هو، وأن الجميع استسلم أمام غطرسة بوش إلا هو، وأنه يريد من العالم أن يتحالف معه بعد اقتناعه بالأدلة التي قدمها على أن صدام لم يعدم وأن من رأيناه كان شبيهاً له.

وتوالت الكتب المتعلقة بشخصية الرئيس بين كونه ظالما أو مظلوما، وبعد 10 سنوات من تنفيذ حكم الإعدام خرج جون نيكسون بكتابه “استجواب الرئيس: التحقيق مع صدام حسين” ليقدم ما يعتبره أسرارا جديدة.

وجون نيكسون يصدر لنا كتابه بأنه أول ضابط استخبارات فى أمريكا، قام باستجواب صدام بعد اعتقاله فى ديسمبر عام 2003، وأن لقاءه بالرئيس العراقى، وقتها أثار العديد من التساؤلات، كما أن دائرة الأسئلة اتسعت بعد ذلك وأصبح سؤال لماذا غزت أمريكا العراق هو السؤال الأكثر انتشارا خلال السنوات الماضية.

يحكى الكتاب أنه فى ديسمبر 2003، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بأكبر مطاردة وصفت بالأكثر عدوانية، قامت القوات العسكرية الأمريكية باعتقال الرئيس العراقى صدام حسين بالقرب من مسقط رأسه فى مدينة تكريت.

يقول جون نيكسون، إن إعلان العثور على صدام حسين واعتقاله، كان له وقع عالمى كبير، لدرجة تشبه سقوط صاروخ فوق جميع أنحاء العالم.

 وقدم جون نيكسون، فى كتابه تحليلا كاملا لما حدث فى هذه الفترة، لكنه بدأ منذ البداية، عندما فكرت إدارة بوش فى السيطرة على العراق،وذلك فى محاولة منه كى يتعرف الأمريكان على صدام حسين الذى ظل قبل رحيله وبعده لغزا كبيرا، واتجه نيكسون إلى للكشف عن هوية صدام من خلال قبيلته التى تستخدم الوشم ليكن سهلاً على الأسر للتعرف على “جثثهم فى حالة تعرضهم للقتل”.

فيما وصف الفريق سعد الدين الشاذلى العدوان على العراق بأنه الحرب الصليبية الثامنة فى كتاب أسماه الحرب الصليبية الثامنة قيم الفريق الحجة على كل حكام العرب جميعا ويدلل على حجم المؤامرة التي تعرض لها العراق في ذلك اليوم .. ولماذا كان محتما تدمير القدرات العسكرية العراقية.

وفى كتاب صدام حسين رحلة النهاية أم الخلود للكاتب “محمود عبده” تحدث عن العديد من الأسئلة التى تثار ونعجز عن اجابتها حين نسترجع رواية إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، بداية من السرعة الفائقة على غير عادة أحكام الإعدام، واختيار التوقيت الشاذ صباح عيد الأضحى المبارك لتنفيذ الحكم قبل صلاة العيد، واستثناء رفاق الرئيس الراحل من تنفيذ الحكم و إرجائه لما بعد عيد الأضحى، وكذب تصريحات المسئولين العراقيين الذين أكدوا أن التنفيذ لن يكون قبل شهر على الأقل، إلى جانب المخالفات الشرعية و الإجرائية التي وقعت خلال الاحتفال الهزلي بتنفيذ الإعدام، ومثال ذلك أصوات التهليل والتكبير والتشويش، التى سبقت لف حبل المشنقة حول رقبة صدام.. 

وفى الشعر كان إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، محور نتاج الكثير من الشعراء، فكان الملهم لقصائدهم ، اتفق البعض على شجاعته في مواجهة الموت، وقدم البعض نتاجا مشحونا بمشاعر غاضبة لا تؤيد هذا “الإعدام”، وفي صورة أخرى قدمت لنا نتاجا بارك تطبيق هذا “الحُكم”، في مشهد يوضح أن الشعر هو أحد أهم طرق التفاعل السريع، و الراصد الأهم لمعطيات الحياة بتوجهاتها السياسية والإقتصادية والاجتماعية كافة. ولعل ثبات الرئيس العراقي السابق صدام حسين في نطق الشهادة، وابتسامته التي استنكر بها قبل لحظات من موته، محاولة بعض المحيطين به استفزازه، أزالت صورته السابقة لدى البعض، وكان هذا المشهد هو “محل فكرة” من أيده وحزن عليه، يقول الشاعر” أسعد الروابة “في قصيدة طاغية الحزن: زغردي يا دمعة عيوني علـى قبـر الشهيـد.. وغردي يا طيور حزني وسط غابات السهاد النشيج يضج في صدري كما الطفـل الوليـد كل ما طالت سنابل حلمنـا جانـا الجـراد 

الشاعر الشعبى صلاح الحرباوي كتب قصيدة ، امتدح فيها الرئيس السابق صدام حسين. قائلا:” يا أبو عداى (صدام حسين) أكرهك، لكن أحبك حيل (كثيرا) لأنك تدخل على المعتدى لداره”.

وكتبت الشاعرة هاجر البريكي، قصيدة ترفض فيها آخر لحظة في عمر “صدام”، حيث تقول : حرام تموت يا صـدام وذول النـاس ينعونـك حرام تشيل في قبرك “عراق” تشـل  تاليهـا  مسارح هالألم طالت وطال الصبر فجفونـك وإذا كل القلوب تطيح أقول إن أنت تعليهـا,وعلى النقيض تعاملت الشاعرة “خلود البراري “مع الموقف بسرد الماضٍ الذى لا يقبل الغفران حيث كتبت نص “أي عروبة” وهي تؤكد أن أفعاله لا يمكن أن تمرر من باب “صفح” حيث تتساءل عن الكثير: وين ابويا! وين اخويا! وين اختي! والرجال الطيبين!! ويــن؟؟ وين؟؟ أي عروبـــة؟ أي دين؟؟ اسألوا قلب العجوز.. هل يجوز.. أو ما يجوز؟ اعتقال “أحمد وفوز”.. ذبحه الشايب وبنته..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

، .

 

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى