اختلاف المصالح يهدد مستقبل حلف شمال الأطلسى

كتبت: ألفت مدكور
كشفت تصريحات الرئيس الأمريكى السابق ترامب والمرشح المحتمل للانتخابات القادمة، حال عودته إلى البيت الأبيض ،عدم تقديم دعم أو حماية لحلف شمال الأطلسى خاصة ضد روسيا، عن وجود تصدعات داخلية بين الدول الأعضاء.
هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها العلاقات بين دول الحلف الذي تأسس في عام 1949 أعقاب الحرب العالمية الثانية برغبة فرنسا وبريطانيا لخشيتهم أن تبتعد الولايات المتحدة كثيرا عن أوروبا تخوفا من أن تواصل روسيا هجماتها على الأراضي التي وضعوا أيديهم عليها بعد انتهاء الحرب.
أدى اندلاع الحرب في شبه الجزيرة الكورية إلى تسريع إنشاء الهيكل العسكري المتكامل لحلف الناتو،تمثل دور الناتو على حد تعبير أمينه العام الأول، اللورد إسماي – في “إبقاء الروس في الخارج والأمريكيين في الداخل والألمان تحت الوصاية”.
فلم يكن رغب الأمريكيون يرغبون أن يظلوا في أوروبا لفترة طويلة، وفقا جيني رافليك، أستاذة التاريخ المعاصر في جامعة نانت الفرنسية، لذا طبيعى أن يطلبون بالفعل من الأوروبيين الالتزام حقا بالدفاع عن أنفسهم.
شغلت الولايات المتحدة الدور القيادي في التحالف،و أصبح الأمريكيون المحور الرئيسى فيه الموجه لأن أوروبا كانت تفتقر للموارد وبخاصة المالية والمادية والصناعية وكانت اغلب دول أوروبا منشغلة بإعادة الأعمار بعد الحرب على حساب التسليح العسكرى لذا سارعت من إنهاء الاستعمار مثل فرنسا وانجلترا وهولندا.
هرول التحالف نحو التوتر أثناء الحرب في الهند الصينية، طلبت فرنسا من حلفائها تمويل جهودها العسكرية تحت مظلة حلف شمال الأطلسي، وقام الأمريكيون بتزويدهم بالأسلحة شريطة أن يكون لهم دور فى استخدمها ما أثار حفيظة فرنسا ، واعتبرت ذلك تدخل أمريكي في شؤونها العسكرية. فهناك حالات من سوء الفهم باستمرار بين الأمريكيين والأوروبيين فالأمريكيون يمولون ويرغبون أن يكون لهم وزن حاسم في تطوير الاستراتيجية العسكرية.
بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1989، واجه التحالف ازمة وجود فى استمرار بقائه بعد ان فقد خصمه الرئيسى الذى من اجله تشكل وبدا التفكير فى إنهاء وجوده ، لكن كان ينظر إلى إبقاء الأمريكيين في القارة الأوروبية على أنه شيء مطمئن ، لان التهديد الروسي ظل بارزا في عقلية الاوربية.
بعد انتهاء المواجهة بين الكتلتين الغربية والشرقية فى أوروبا، بدأ الحلف في القيام بعملياته العسكرية الأولى. في عام 1999، قصف صربيا خلال حرب كوسوفو، و كان هذا أول اختبار للحكم على إمكانات التحالف العسكرية وقدرة الحلفاء على العمل معا.
وبعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول على الولايات المتحدة فعِّل الناتو المادة 5 من معاهدة واشنطن التي تلزم جميع أعضاء التحالف أن يقوموا بمساعدة أي عضو منهم يتعرض لهجوم،و قام الناتو بعدها بأول عملياته في إطار مكافحة الإرهاب، لا سيما في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي.
استغلت الولايات المتحدة أحداث 11 سبتمبر بتوسيع العمليات خارج إطار المنظمة، وأصبح دور الحلف بات هامشيا ولا يمكن الاعتماد عليه ، حيث كان يرغب الأمريكيون فى استخدام آلية تحالف دولي تحت قيادتهم بتفويض من الأمم المتحدة حتى يكون لديهم مساحة أكبر من المناورات العسكرية.
زادت التوترات بين أعضاء الحلف مع بزوغ عام 2010، فالتهديدات التي تواجه كل دولة من الدول الأعضاء مختلفة عن طبقا للأولويات بين الحلفاء، بين من لديهم تخوفات من الروس وأولئك الذين كانوا متخوفون من خطر الإرهاب، فكل عضو فى المنظمة يدافع عن مصالحه وفقا لواقعه الجيوسياسي ما أضعف التحالف بشدة وأبرزته تصريحات الرئيس الأمريكى النتقده له فى عام 2017 ، واصفا التحاف “بأنه عفا عليه الزمن وانقده أيضا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قائلا” أن الحلف قد دخل في حالة موت دماغي”.
لكن الحرب الروسية الأوكرانية التى بدأت في فبراير/شباط 2022، أعادت الحياة من جديد للحلف فالعدو الأصلي قد عاد مرة أخرى، وقدم للتحالف فرصة لم الشمل والاجتماع حول مصلحة واحدة.
لكن الخطر الذى يواجه التحالف الآن هو أنه يظهر نقاط ضعفه علانية مما يقوض من مصداقيته أمام عدوهم التاريخى الروس الذين يرون الغربيين يمزقون بعضهم البعض.
ويظل السؤال مطروحا هل يظل التصدع قائما حال وصول المرشح المحتمل الحالى ترامب إلى البيت الأبيض ؟، ما تكشفه الأشهر القادمة.؟
