شخصيات عربيةعاجل

راضية الحداد أول تونسية تدخل البرلمان.. انتقدت سياسية الزعيم التونسي الراحل بورڤيبة.. أفنت عمرها في الدفاع عن حقوق المرأة

نجوى إبراهيم 

راضية الحدّاد هي أيضا أوّل امرأة تونسية تدخل البرلمان التونسي، بعدما احتجّت على عدم تشريك النساء في انتخابات المجلس التأسيسي. وقد كانت تناضل من أجل تشريك النساء في الانتخابات وهو ما تحقّق في الانتخابات البلدية سنة 1957. وقد تمّ انتخابها لثلاث دورات برلمانية. كما أنّها كانت نشطة داخل الحزب الاشتراكي الدستوري، حيث انتخبت في اللجنة المركزية في الفترة بين 1968 – 1972.

التصادم مع بورڤيبة

رغم إعجابها بشخصية بورڤيبة الفذّة وولائها له، فإنّ ذلك لم يمنعها من معارضة سياسته وانتقادها، فقد عارضت في مرحلة أولى سياسة التعاضد التي وضعها أحمد بن صالح وزكّاها بورڤيبة، رغم إيمانها بالفكر الاشتراكي، حيث أنّها لم تكن موافقة على الأساليب القمعية التي استُعملت آنذاك لفرض الاشتراكية.

لكنّها في مرحلة ثانية تعاطفت مع التيار الليبرالي في الحزب الاشتراكي الدستوري والذي كان يقوده أحمد المستيري بمساندة الباجي قايد السبسي وحسيب بن عمار في بداية السبعينات.

ويُروى أنّها قالت مرّة لبورڤيبة: «أنت بطل الاستقلال وحان الوقت أن تكون بطل الديمقراطية»، فراضية الحدّاد كانت ضدّ سياسية بورڤيبة الاستبدادية، خاصّة ضدّ اتحاد الطلبة في 1972.

استقالتها من الاتحاد القومي النسائي التونسي 

كلّفها موقفها هذا الكثير، حيث تمّ التضييق عليها ودفعها إلى الاستقالة من الاتحاد القومي النسائي التونسي بالإضافة إلى اتّهامها بالاستيلاء على أموال عمومية في الاتحاد، ووصل الأمر إلى حدّ الحكم عليها بالسجن في مايو 1974 مع تأجيل التنفيذ.

تأسيس الاتحاد القومي النسائي التونسي

 

فترات عصبية في حياة راضية الحداد

عن هذه الفترة العصيبة من حياتها روت راضية الحدّاد الكثير في مذكّراتها وعن كلّ الدسائس التي حيكت ضدّها لإبعادها والتشهير بها. ومن بينها، حادثة استدعائها إلى القصر الرئاسي في 1973 لحضور «مجلس الجمهورية» الذي خصّصه بورڤيبة للحديث عن فساد بعض مسؤولي الدولة وضرورة مقاومته. وقد خصّها بالذكر متّهما إيّاها بامتلاك قصر وبالإثراء غير المشروع. تقول «أحسست أنّه تمّت دعوتي لهذا الاجتماع لاتّهامي والتشهير بي»، تقول حداد. لكن المرأة لم تستسلم ودافعت عن نفسها في لقاء جمعها مع الزعيم الراحل، حيث قالت له: «سيدي الرئيس إنّ يدي نظيفتان، وإنّ أيّ نظام إذا أخذ يرتكب المظالم فإنّها نهايته». فأجابها بورڤيبة: «قل لي يا بنتي هل كنت يوما ظالما لك؟».

ورغم الظلم الذي تعرّضت له، بقيت راضية الحدّاد معجبة بشخصية بورڤيبة وقد اعترفت في كتابها «أنّه رغم طبعه السلطوي، كان دائما يستمع الى ما أقوله له، وعمل بملاحظاتي وبآرائي طيلة الوقت الذي تعاونت فيه معه»، كما أنه استشارها في مجالات خارجة عن مشمولاتها وتراجع عن قرارات أو تصريحات بعد أن بيّنت له أنها كانت خاطئة، حسب روايتها.

علاقة راضية ببورڤيبة كانت علاقة شدّ وجذب، تراواحت بين الإعجاب والانتقاد، وبين التعاون والقطيعة، لكنّ الثابت أنّ المرأة كانت ذات شخصية قوية، ولا تتوانى عن إبداء رأيها كلًفها ذلك ما كلّفها.

راضية الحدّاد وكفاحها للدفاع عن حقوق المرأة 

أفنت” راضية الحداد “عمرها كله فى الدفاع عن حقوق المرأة ورغم ذلك انقلب عليها الحزب الحاكم بعد مؤتمر الحزب الاشتراكي الدستوري سنة 1971 حينما انساقت مع تيّار أحمد المستيري,وفى عام 1973 رُفعت الحصانة البرلمانية عنها وغادرت المجلس بعد فصلها من كل أنشطة الحزب الاشتراكي الدستوري في مارس سنة 1974 تاريخ بدء التضييقات الأمنية والملاحقات القضائية حتّى أنها اتهمت بـ”الإثراء غير المشروع”.

راضية الحدّاد كفاحها للدفاع عن حقوق المرأة

راضية الحدّاد وكفاحها للدفاع عن حقوق المرأة

والتضييقات والملاحقات كانت بعضًا من الحكايات التي ترويها في مذكراتها “حديث امرأة” التي نشرها المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية ومركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة (الكريديف) سنة 1993، حتّى انّ ابنتها نائلة الحداد تقول في تقديمها لهذه المذكرات إنها مُنعت من النشر إلى جانب التضييق عليها.

مذاكرات راضية الحدّاد

صدرت مذكّراتها بعنوان “حديث امرأة” Paroles de femme عن دار “إليسا” للنشر بتونس سنة 1995 أي قبل وفاتها بسبع سنوات.

وتذكر أنّها وفّرت كلّ الوثائق لصهرها الهاشمي الشاهد الذي تولّى كتابة هذه المذكّرات وكان على حدّ قولها أمينا في نقل كلّ الأفكار الواردة به.

راضية الحداد

ويقع الكتاب في 253 صفحة باحت راضية الحداد في مذكراتها بتجربتها السياسية وعن مختلف الأحداث التي جرت بالبلاد في أثناء الفترة البورقيبية، وعن التجاذبات السياسية التي كانت تعبّر بإيجابياتها وسلبياتها عن رؤى متعددة.

رحلت راضية حداد عن عالمنا عام 2003 عن عمر يناهز الواحد والثمانين إلا أنها تركت وراءها تاريخًا من النضال يقف حاجزًا بينها وبين النسيان.

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى