عاجلنحن والغرب

مقابل التصديق على ضم السويد “للناتو” أوربان ينجح فى الوصول لأهدافه

صدق برلمان المجر على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسى “الناتو” بعد نحو عامين من تقدمها بطلب برفقة فنلندا للانضمام، إثر الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022.
بموافقة البرلمان تنتهى مماطلة رئيس حكومة المجر فيكتور أوربان ، على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي ،ويتوقف التراشق بين بودابست واستوكهولم، كما تكتمل دائرة الإحاطة للحلف بالحدود الروسية، من فنلندا والبلطيق وصولاً إلى الدائرة القطبية الشمالية في منطقة حيوية تهدد أمنها الدفاعي.
يأتى ذلك بعد نحو عام على عضوية فنلندا وأسابيع قليلة من حسم أنقرة تصديقها على أطلسية استوكهولم.
فرض نظام غير ليبرالي
خلال الأعوام القليلة الماضية، توترت علاقة المجر بمجوعة “دول الشمال” (فنلندا والسويد والنرويج وأيسلندا والدنمارك)، زادت التوترات بين المجر ودول الحلف على خلفية اتهامات أوروبية متزايدة للرئيس فيكتور أوربان مع تحالفه اليميني “فيديز” بفرض نظام “غير ليبرالي” مضاد للديمقراطية وهو ما لا يتفق مع قيم ومبادئ الاتحاد الأوروبي، واستمرت الخلافات منذ عام 2014

وكانت استوكهولم وجارتاها كوبنهاغن وهلسنكي تتصدر دول أوروبا في انتقاد أوربان وما يسميه الأوروبيون نسف استقلال القضاء والإعلام، ومبدأ فصل السلطات عموماً
واستمرت التوترات بين تركية ،والسويدية، واستغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طلب الانضمام للضغط من اجل الحصول على تنازلات، توصلت أنقرة إلى تفاهمات مع استوكهولم، وأهمها تخليها عن رعاية وحماية السويد أعضاء حزب العمال الكردستاني الذى تعتبره تركية تنظيم إرهابي ، إلى جانب جماعة فتح الله غولن ، بالإضافة إلى استجابة واشنطن لمطالب أنقرة بتسليم طائرات “أف 16″، ما سهل تصديق البرلمان التركي على عضوية السويد في الأطلسي، وأظهر أوربان بأنه غير ملتزم بتعهده.
ظل أوربان ينتهج سياسة ابتزاز على مستوى علاقة الاتحاد الأوروبي” والحلف الأطلسي بروسيا، وغيرها من السياسات، فقد اعترض على اللقاءات الثنائية بين “الأطلسي” وأوكرانيا، وبقي طيلة عامي الحرب يؤخر ويعرقل خطط تمويل ومساعدة الاتحاد الأوروبي لكييف حسب وصف اتهامات موجهة له من الحلف.
منظومتي الاتحاد الأوروبي و”الأطلسي
كما استطاع الرئيس التركي، فرض سياسة الأمر الواقع في علاقته الغربية ـ الروسية، على أساس أن بلده ليس عضواً في الاتحاد الأوروبي فإن فيكتور أوربان بقي، كعضو في منظومتي الاتحاد الأوروبي و”الأطلسي”، يعاني ما يشبه عزلة واتهامات خطيرة بشأن تفضيله روسيا على الغرب.
ففي حين كان الغرب يفرض عقوبات ويطرد دبلوماسيين روس، كانت بودابست تستقبل المزيد منهم، بحسب تقارير غربية، حذرت من اختراق روسي لوزارة الدفاع والاستخبارات في المجر، والاطلاع على وثائق أطلسية وأوروبية خطيرة.
كما اتهمته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين بـ”تفضيل روسيا على الغرب” ، حين ضمته إلى “أصدقاء (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين” الذين يريدون “تدمير ديمقراطية أوروبا”، على خلفية معارضة أوربان الحرب والانخراط فيها.
على الرغم من ذلك، ظل أوربان مصراً على مواقفه لتحقيق بعض المكاسب، ومنها الإفراج عن بعض المليارات المخصصة لبلده من صندوق التعافي الأوروبي لإدراكه أن أوروبا والأطلسي بحاجة إلى بلده لتحقيق الإجماع، لذا استخدم التكتيك التركي في توجيه السهام إلى نقطة مؤلمة لأوروبا في علاقتها بروسيا، وهي المتعلقة بتوسيع الحلف الأطلسي نحو فنلندا والسويد، والجهود المشتركة في مواجهة روسيا.,
و استجابت السويدية للضغوط المجرية وتوجه رئيس الوزراء أولف كريسترسون، الجمعة الماضي، إلى بودابست، لأجل التفاوض على بعض القضايا في علاقة الطرفين. وخلال ذروة التراشق بين البلدين، توسط رئيس حكومة بولندا السابق ماتيوس مورافيتسكي لخفض التصعيد، والتمني على أوربان تمرير تصديق بلاده على “أطلسية” السويد.
وزيرة الاتحاد الأوروبي السويدية
تأتى الابتزازات المجرية على خلفية مطالبة وزيرة الاتحاد الأوروبي السويدية جيسيكا روسوال الاتحاد بحجب الأموال المجرية بسبب ما اعتبر فساد وعدم امتثال لسيادة القانون من قبل أوربان، كما ذهب وزير الدمج والتوظيف في استوكهولم يوهان بيرسون إلى مهاجمة حكومة المجر باعتبارها “قومية ومعادية للأجانب وتواصل انتهاك القانون وقواعد الاتحاد الأوروبي.
كان الرد المجري كان قاسياً، وجزءاً من مفاوضات تحت التراشق خلال الأسابيع الأخيرة، إذ ذهب كوفاكس إلى تذكير السويديين بأن “النظام القمعي” (في إشارة تهكمية لاتهامات غربية لأوربان) “ليس هو الذي أحرق القرآن وأهان بلداً مسلماً عضواً في الأطلسي، أثناء عملية التصديق على عضوية بلدهم، في إشارة إلى حوادث حرق نسخ من المصحف أمام السفارة التركية خلال الأيام الماضية.
كان الاختلاف بين المجر والسويد بسبب سياسة السويديون فى العسكرة والتخلي عن الحياد، وهم يشعرون، مع عموم “دول الشمال” ودول البلطيق (لاتفيا وغستونيا وليتوانيا) وبولندا، التى تزعزع الأمن الروسى
لذا يرى أوربان أن الحديث عن “عدوانية روسية” أمر غير منصف، مطالباً بأخذ أوروبا و”الأطلسي” بالحسبان ما يسميه “المصالح الأمنية المشروعة لروسيا في أوكرانيا.
الحرب والهجرة والمثلية الجنسية
ذكر  رئيس الوزراء بالخطوط العامة لسياساته، التي تقوم على “لا للحرب ولا للهجرة ولا للمثلية الجنسية”، مذكراً السويد بأن بلده يقوم على قيم دينية وأسرية تختلف عن تلك السائدة عند “الاسكندنافيين الطيبين”. ودعا إلى “احترام الخصوصية” والمصالح، معيداً رفضه تصنيف الغرب لروسيا أنها “العدو المشترك” لكل مكوناته.
وبحسب تقارير دبلوماسية بين استوكهولم وبودابست، فإن إرضاء أوربان، لتجاوز ابتزازه، جاء بتنازلات سويدية، وعلى رأسها رضوخها وتراجعها عن موقفها الرافض تزويد جيش المجر بأحدث نسخة من طائرات السويد الحربية “غريبن 39″، وفتح بعض أبواب التقنيات الدفاعية ـ العسكرية أمام المجر، كما طالب أوربان منذ سنوات.
ونجح أوربان حث الأوروبيين على جعله “شريكاً”، يتلقى “تسهيلات” في سداد ثمن الطائرات وخدمات لوجستية وتحديث النسخ السابقة من “غريبن” لدى بودابست.
ومثل ما استطاعت تركيا تليين الموقف الأميركي بشأن طائرات “أف 16″، استطاع أوربان ترويض الشعارات القيمية والمبدئية عند السويديين، وجلبهم إلى “براغماتية المقايضة”.
لا تستطيع السويد، بعد الاتفاق على تصديق برلمان المجر، التراجع عن اتفاقها الذي سيُفعّل بدءاً من الخميس المقبل، على أن يدوم بين عامي 2026 و2036 لخدمة وصيانة ما لدى بودابست من طائرات سويدية.
بانضمام السويد يتوسع حلف الأطلسي ليضم 32 دولة .

زر الذهاب إلى الأعلى