الغاز الروسي غير قابل للمنافسة.. أمريكا وقطر ليست بدائل لأوروبا عن موسكو

متابعة وتحليل: محمد عطا
لم تستطع أوروبا التخلي تماماً عن الغاز الروسي الذي لا يزال يتدفق إليها وإن كان بوتيرة أضعف، في وقت يشير فيه محللون إلى أن الغاز الروسي لا بديل عنه بالنسبة لأوروبا، والتي بدت كمن يطلق النار على قدميه بمعاقبة روسيا؛ ذلك لأنه الأرخص والأقرب بالنسبة لها، وكذلك الأكثر آماناً في ظل التقلبات الجيوسياسية والاضطرابات في مناطق مختلفة حول العالم.
ولم تنجح أوروبا بشكل كامل ومستدام في العيش بدون الغاز الروسي، بالإشارة إلى أن “غاز الأنابيب الروسي لا يزال يمثل 7% من الطلب في الاتحاد الأوروبي، والغاز الطبيعي المسال الروسي 8%، بالتالي يمثل الغاز الروسي 15%، فلا تزال حصة السوق عالية جداً بحيث لا يمكن الاستغناء عنها،حسب المراقبين والخبراء فى مجال الطاقة .
وليس هنالك الكثير من البدائل التي يمكن لأوروبا التعويل عليها بشكل مستدام يضمن أمن تدفقات الغاز ولهذا السبب لا يمكننا فرض حظر على الغاز الروسي ،وأن كان الأوروبية نجحوا فى تخفيض استهلاك من 40% إلى 15% .
أمريكا وقطر أكبر المستفيدين.. وأوروبا تدفع الثمن
تتصدر الولايات المتحدة قائمة أكبر موردي أوروبا بالغاز المسال وفي العام الماضي بلغ إجمالي ما حصلت عليه أوروبا من الغاز الأميركي المسال أكثر من 70 مليار متر مكعب (بما يعادل أكثر من ضعف الكمية في 2021)، وكذلك تعد قطر من بين أبرز موردي الغاز المسال لأوروبا.
وفي عام 2022 قدمت للقارة العجوز نحو 28 مليار متر مكعب، مقارنة بـ 22.5 مليار متر مكعب في 2021، وفق بيانات رصدها تقرير لمعهد الطاقة ،الذى اطلع عليه ” الوسط العربي”.

اتضح أن الغاز الطبيعي المسال القادم من الولايات المتحدة أغلى بكثير من روسيا، وقد أدت أسعار الوقود المتزايدة إلى ارتفاع حاد في أسعار الكهرباء، في ظل ضآلة إنتاج توربينات الرياح والخلايا الشمسية الأخرى.
ولكن بالمقارنة باستهلاك أوروبا للغاز الروسي، فلا يمكن لأى قوى أخرى الدخول فى المنافسة معها لان هذا يعد ضربا من الخيال وبعيدا عن الواقع .
الغاز الروسي غير قابل للمنافسة
ويمتد خط أنابيب نورد ستريم 1 على عمق 1200 كيلومتر تحت بحر البلطيق من الساحل الروسي بالقرب من مدينة سان بطرسبرغ، إلى شمال شرق ألمانيا ، وافتُتح منذ 10 سنوات ويمكنه نقل نحو 170 مليون متر مكعب من الغاز يوميا كحد أقصى من روسيا إلى ألمانيا،وهو خط رئيسي ينقل الغاز الروسي لأوروبا
ووافقت ألمانيا قد وافقت على بناء خط أنابيب موازٍ هو – نورد ستريم 2 – لكن توقف العمل به قبل وقت قصير من غزو روسيا لأوكرانيا.
واعتادت أوروبا على شراء أكثر من 150 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنويا، لكن التدفقات تضاءلت منذ فبراير 2022 عندما نشبت الحرب في أوكرانيا وفرض الغرب على إثرها عقوبات ضد موسكو.
شروط روسيا لاستمرار إمدادات الغاز لأوروبا
وتستعد موسكو لإجراء محادثات مع الاتحاد الأوروبي بشأن إمدادات الغاز الطبيعي قبل انتهاء اتفاق مع أوكرانيا لنقل الغاز في أواخر 2024،رغم استمرار الحرب فى اوكرانيا للعام الثالث على التوالي ،بشرط الفاء العقوبات الظالمة المفروضة على موسكو دون وجه حق وتعبر عن الازدواجية وتنفيذ أجندة الولايات المتحدة الأمريكية على حساب المصالح الأوربية.

وبموجب اتفاق مدته 5 سنوات أبرمته موسكو مع كييف في 2019 تصدر روسيا الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا مقابل رسوم استخدام شبكة خطوط أنابيب.
ألمانيا أكبر الدول الأوربية تأثرًا
تشكل الصناعة الحصة الكبرى في الاقتصاد الألماني مقارنة بدول كثيرة أخرى، ويستهلك القطاع في أغلب أجزائه الطاقة بكثافة، وذلك يعني أن الشركات الألمانية تضررت بشكل كبير من ارتفاع أسعار الطاقة التي سجلت العام الماضي أعلى مستويات في أوروبا، وبسبب أسعار الكهرباء الباهظة.
وبدأت المزيد من الشركات الألمانية الانتقال إلى الولايات المتحدة، أما الصناعات الكثيفة الطاقة مثل المعادن والورق والسيراميك والزجاج فهي تلفظ أنفاسها الأخيرة وقد تختفي تماما كصناعة في ألمانيا.
ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، ستكون ألمانيا هذا العام الدولة الوحيدة في مجموعة السبع التي لن ينمو اقتصادها بل سينكمش، حيث حطمت أسعار المستهلك الأرقام القياسية (6.2% فقط في أغسطس الماضي)، بينما انخفض الإنتاج الصناعي بسرعة، وارتفع التضخم والقروض العامة، ونزل نشاط الأعمال إلى أدنى مستوياته في السنوات الثلاث الماضية.
وحذرت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل ذات مرة قائلة إن التعاون الاقتصادي مع روسيا ضروري، وأكدت أن العقوبات ضد روسيا ستضر ببرلين أكثر من موسكو.
تداعيات سلبية للحرب الروسية على أوكرانيا
وبعد بدء الحرب في فبراير 2022 ، قلّصت موسكو بشكل حاد من صادرت الغاز عبر الأنابيب إلى الاتحاد الأوروبي، ما دفع دوله الـ27 إلى البحث عن مصادر بديلة في ظل اعتمادها على الوقود الأحفوري، واستثمرت دول الاتحاد في البنى التحتية لموانئها، وزادت العام الماضي كميات الغاز الطبيعي المسال التي تشتريها بنسبة 70 في المائة. وتشكل الولايات المتحدة مصدر 40 في المائة من كميات الغاز المنقول عبر السفن.
لكن الدول الأوروبية زادت أيضا من كميات الغاز الطبيعي المسال الروسي، خصوصاً عبر «توتال إنرجي» الفرنسية التي استثمرت بشكل كبير في سيبيريا،ويستثنى الغاز من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على روسيا بسبب الحرب، لكن نسبته من إجمالي الواردات الأوروبية تراجعت خلال العامين الماضيين، وبات الغاز الروسي (عبر الأنابيب أو بشكله الطبيعي المسال) يشكل 15 في المائة فقط من إجمالي وارداته إلى الاتحاد الأوروبي في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، مقابل 24 في المائة في 2022 و45 في المائة في2021
ومدت خطوط أنابيب نورد ستريم الأول ونورد ستريم الثاني لأغراض نقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى ألمانيا وأوروبا الغربية عبر بحر البلطيق ،وتعود ملكية مشروع خطوط نورد ستريم في معظمه لشركة الغاز الحكومية الروسية غازبروم.
توقف الخط الرئيسي لنقل الغاز الروسي لأوروبا
وكانت خطوط أنابيب نورد ستريم قبل التسريبات، مليئة بالغاز الطبيعي بعد أن أوقفت عن العمل بسبب الخلافات بين روسيا والاتحاد الأوروبي في أعقاب الحرب على أوكرانيا.

وفي 26 سبتمبر 2022، أعلن عن اكتشاف أول انفجار في خط أنابيب نورد ستريم 2 الذي سجل وجود انخفاض في ضغط الأنابيب ونتج عن ذلك تدفق للغاز الطبيعي إلى سطح البحر جنوب شرق جزيرة بورنهولم الدنماركية. بعد سبعة عشر ساعة من ذلك ظهرت على سطح البحر ثلاثة تسريبات منفصلة شمال شرق بورنهولم، كانت قد حدثت بسبب تخريب مماثل تعرض له نورد ستريم 1، وأصبحت الأنابيب الثلاثة المتضررة غير صالحة للعمل.
أعلنت مصادر ألمانية أن الأضرار التي تعرضت لها الأنابيب نتيجة الانفجارات قد تؤدي مع تأخر إصلاحها إلى القضاء على مشروع نورد ستريم إلى الأبد. تقع المواقع التي تعرضت للتخريب ضمن المياه الدولية، وداخل المناطق الاقتصادية بين الدنمارك والسويد، واتهمت موسكو الولايات المتحدة والناتو إلى التخريب المتعمد لهذا الخط المهم.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي
