“أصوات عارية”.. قصص باكستانية تدور حول أحوال اللاجئين ومآسيهم

كتب: أحمد عبد الحافظ
تتنوع قصص مجموعة “أصوات عارية” للكاتب الباكستاني “سعادت حسن مَنتو”، في أجوائها وموضوعاتها، وتأتي نماذج شخصياتها غالبا من قاع المجتمع الباكستاني، راصدة أحوال اللاجئين الهاربين من جحيم الحرب الأهلية، والبائعة الجائلين، وتغوص في الأحوال النفسية للقوادين، والمومسات ومدمني الخمور.
تكشف القصص عما في واقعهم من فقر وبؤس وأمراض وعنف وانحرافات استطاع منتو إبرازها وسرد أغوارها وفضحها بشجاعة ودون أن يوقفه عن مسعاه ما كان يتعرض له من تضييق وتنكيل من جانب السلطات التي سعت دائما لإسكاته، وسعى هو لمواجهتها وتعريتها.
المجموعة صدرت حديثا عن دار “منشورات ويلوز هاوس” الجنوب سودانية، وتتضمن 18 قصة قصيرة، جعلت المترجمة إنجي صالح التي نقلتها للعربية اسم واحدة منها عنوانا للكتاب.

أحداث قصة “أصوات عارية”
وتدور قصة “أصوات عارية” حول شقيقين لاجئين يعملان بائعين متجولين، ولأنهما لا يملكان مأوى في البلدة التي اضطرا زمن الحرب الباكستانية الهندية إلى الهروب إليها سكنا مع مجموعة من اللاجئين في منزل مكون من طابقين، وكان الأول وهو جاما متزوجا فاختار العيش في الطابق الثاني، أما شقيقه بولو الذي لم يكن متزوجا ولم يكن يسعى لذلك، فكان ينام وحيدا في الدور الأرضي، لكنه حين جاء فصل الصيف وبسبب شدة الحرارة قرر أن يصعد إلى السطوح لينام بجوار أخيه ومجموعة أخرى من المتزوجين، وهناك حدث له تحول أدهش أخيه، فقد أخبره ذات يوم أنه إن لم يزوجه فسوف يصاب بالجنون، وطلب منه أن يساعده في ذلك.
كان الأمر سهلا وتم بسرعة، وأعد بولو سريرا مثل باقي المتزوجين، وأحاطه بالخيش مثلهم، وجاء بعروسة، ومرت الأيام ولم يستطع الدخول بها، وشاع الخبر، وبدأت ألسنة المحيطين به تسخر منه، وتتابعه بسياطها أينما ذهب، عند ذلك أرسل عروسه إلى أهلها، وهناك أخبرتهم بما كان، وشاع أمر بولو الذي لم يستطع تحمل ما يقال عنه، فصعد إلى السطوح وراح يدمر سريره وأسره الآخرين، فهجم عليه أحدهم وضربه بقطعه من الحديد أفقدته الوعي، والذاكرة، وحين أفاق خلع ملابسه، وراحط يجري في الطرقات، وكلما وجد سريرا مزقه، ليتعرض بسبب ذلك للضرب والاعتداءت التي تترك أثارها عليه.
قصة “العودة”
وعلى هذا المنوال تدور باقي القصص التي تتعرض لما يلقاه اللاجئين من كوارث وأزمات، وتكشف تدني أحوالهم، والجرائم التي يرتكبونها في حق بعضهم البعض، والتي تصل إلى حد الاغتصاب وهو ما تحكي عنه قصة “العودة” حيث يفقد رجل ابنته في رحلة هروبه من الحرب، فيوصي مجموعة من الشباب للبحث عنها بعد أن يعطيهم أوصافها، لكنهم بدلا من إعادتها له بعد العثور عليهم، يغتصبونها، ويتركونها بين الحياة والموت.
قصص مجموعة “أصوات عارية”
في مثل هذه المآسي تتركز قصص “رخصة”، و”يزيد”، و”جبان”، و”خاسر لا محالة”، و”على جانب الطريق” و”ساهاي” وغيرها من إبداعات أخرى تضمنتها المجموعة، وتدور في عوالم لا إنسانية وتغوص في أحوال الفقراء ومن لا سند لهم.
وقد كتب مَنتو “١٩١٢- ١٩٥٥” المولود في قرية بابرودي في سامرالا بالقرب من مدينة لودِيانا في أقليم البنجاب الهندي اثنين وعشرين مجموعة قصصية ورواية واحدة بالإضافة إلى سيناريوهات عديدة للسينما والإذاعة.

عمل في الأربعينيات في صناعة الأفلام الهندية في مدينة مومباي حالياً ككاتب سيناريو. لا يوجد له نظير في معالجة جنون التقسيم الذي تعرضت له شبه القارة الهندية أثناء التحرر من الحكم البريطاني سنة ١٩٤٨، وقد فضح بقصصه نفاق المجتمع أثناء المذابح الطائفية وقت التقسيم عبر تناوله لأكثر فئات المجتمع تهميشاً كالمومسات والقوادين وتعرض لأكثر القضايا حساسية كسفاح المحارم واضطهاد النساء، وقد تعرض للمحاكمة عدة مرات قبل وبعد الاستقلال بسبب صراحة لغته وفحوى قصصه.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك الوسط العربي
