“وديع حداد” فارس فلسطين ومناضلها الثوري.. الرجل الذي هزّ العالم

كتبت: نجوى إبراهيم
فارس فلسطين، عاشقها، حارس روحها، رجل من طراز ثورى رفيع، خاض ميادين مقاومة العدو، قاد نضال الشباب الفلسطيني المؤمن بأن الكفاح المسلح هو الطريق الأمثل والأوحد لاسترجاع الأرض والوطن، هو الدكتور وديع حداد الرجل الذي هز العالم صاحب شعار “وراء العدو في كل مكان”، ساهم حداد في تأسيس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى جانب رفاقه الدكتور جورج حبش وآخرين الذين آمنوا بفلسطين عربية وبأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
ورغم مرور أكثر من 45 عاما على رحيله إلا أن شعاره لا يزال باقيا لن يزول فلنكن وراء العدو ونلاحقه بتعزيز كل أشكال المقاطعة ولنكن وراء العدو في ميادين الكفاح الدولي عبر تعزيز علاقاتنا بالحركات الثورية العالمية وبكل قوى الحرية والديمقراطية والتقدم والعدالة والسلام.
قاد حداد حركات مقاومة في مختلف أنحاء العالم وكان وراء عمليات خطف الطائرات الشهيرة ومنها الطائرة “لاندسهوت” الألمانية، وترك الجبهة الشعبية، إلا أن المؤتمر الوطني الخامس للجبهة أعاده إليها، باعتباره رمزاً وطنياً وفلسطينياً فذًا قدم كل شيء في سبيل فلسطين التي عمل دائماً من أجلها.
مولده ونشأته
الدكتور وديع حدَاد بطل قومي من عائلة فلسطينية مسيحية، ذاق مع أهله ما ذاقه شعبه من مرارة الترحيل والتهجير بقوة السلاح الغاشم، من أرضه وبيته ومدينته صفد الجميلة في حرب 1948.
ولد عام 1927 وكان والده يعمل مدرسًا للغة العربية في إحدى المدارس الثانوية في مدينة حيفا، وبحكم وجود والده في حيفا تلقى حداد تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في هذه المدينة.
أثناء وجوده على مقاعد الدراسة بمراحلها المختلفة تميّز بذكائه المتقد ونشاطاته المميزة وتفوقه في مادة الرياضيات، كما أنه كان شابا رياضيًا يمارس رياضة الجري وأنشطة رياضية أخرى.
الهجرة من الوطن
اضطر أهله للهجرة من وطنهم فلسطين نتيجة للمأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني نتيجة النكبة عام 48، ولجأ هو وأسرته إلى مدينة بيروت واستقروا بها، ولّدت النكبة داخل المناضل “وديع حداد” شعوراً عالياً بالمسؤولية تجاه شعبه وقضيته التي ازدادت مأساوية على ضوء النكبة، الأمر الذي دفعه إلى الانخراط في العمل الوطني الكفاحي للشعب الفلسطيني، وقد تجلّت بواكير هذه التوجهات خلال انخراطه وهو ما يزال على مقاعد الدراسة في إغاثة أبناء شعبه المشردين بسبب النكبة، وخلال هذه الأحداث التحق وديع بالجامعة الأمريكية في بيروت ليدرس الطب، وهناك تعرف على زميله بالنضال والطب الدكتور جورج حبش، وخلال دراستهما انخرطا في العمل والنشاطات الوطنية والإنسانية المدافعة عن الشعب الفلسطيني، كان هو زميله“جورج حبش” أعضاء جمعية “العروة الوثقي” التي بدأت بلعب دور سياسي بعد انخراط الشباب القومي المتحمس للعمل السياسي بها، وتولى حداد موقعاً قيادياً في هذه الجمعية.
بداية نضاله الثوري
بدأ عمله السياسي كمحترف وقائد سياسي وجماهيري بعد تخرجه كطبيب من الجامعة الأمريكية وانتقاله إلى ساحة الأردن والتحاقه برفيق دربه الدكتور جورج حبش، الذي كان قد سبقه إلى هناك، ليشكلا معاً العيادة المجانية إلى جانب عيادتيهما، معتبرين نشاطهما الأساسي والرئيسي، النشاط الوطني والقومي وليس الطبي.
وفي سبيل تعميق التوجه الذي اختطّاه في العيادة الطبية، قاما بإنشاء صفوف تدريس لمحو الأمية لكبار السن، كما استطاعا من خلال رفاق أردنيين أعضاء في الحركة النفاذ إلى نادي “المنتدى العربي” واعتباره أحد المنابر التي انطلق نشاط الحركة من خلاله “مقاومة الصلح مع الصهاينة”.
عندما أعلن عن تشكيل “هيئة مقاومة الصلح مع الصهاينة” والتي تم تشكيلها من قبل “الشباب العربي القومي” تصدّر وديع حداد الأنشطة السياسية التي كانت تقوم بها هذه الهيئة كعضو قيادي فيها، وكانت هذه الهيئة تقوم بأنشطة عديدة لمناهضة الصلح تمثلت بالمظاهرات والمنشورات، إلى جانب دورية “الثأر”.

تدريب الشباب لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي
كان نضاله ضد أعداءالأمة العربية لم ولن يتوقف حيث نظَم صفوف آلاف الشباب العرب ودرَبهم ليخوضوا معركة الحرية ودحر الظالمين، وبلَور مدرسة في العمل الثوري مضيفاً بذلك إلى الفكر الثوري التحريري خطاً استراتيجياً جديداً يقوم على بناء تحالف مبنيَ بروابط تنظيمية بين فصائل ثورية في المجتمعات الرأسمالية وحركة التحرر العربي التي تمثلت في السبعينات بحركة التحرير الفلسطيني، وطوَر هذا التحالف ليصبح جبهة تقاتل العدو الصهيوني وحلفاءه بقيادة حركة التحرير الوطني في الشرق العربي، كما طوَر وسائل القتال وتكتيكاته ممَا جعل أعداء أمتنا العربية يلهثون وراءه، وجندت إسرائيل وحلفاؤها في الغرب والشرق كل الطاقات لتصفيته، فكان مطلوباً حيا أو ميتًا لجميع القوى والدول المعادية للشعوب وحقَها في تقرير المصير والحرية والعيش الكريم.
وداع العالم العربي له
توفي وديع حداد يوم الثامن والعشرين من مارس 1978، في ألمانيا الشرقية، راجت روايات كثيرة عن موته، فقد أشيع إنه توفى بمرض السرطان أو بالسم أو بالشوكولاتة المسمومة، وقد بقي موته لغزاً، مثلما سيبقى اسمه خفاقاً في تاريخ النضال الفلسطيني المعاصر.

حزن على وفاته العالم العربي أجمع بكته فلسطين، دمشق، بيروت، عمان، الجزائر، المغرب، بغداد، تونس، القاهرة، بكل هذا استطاع أن يتخطى الحدود بموته الكبير دون إذن أو موافقة بوليسية.
واليوم ونحن نستلهم روحا طاهرة في النضال الفلسطيني نقف أمامها ونحن في أمس الحاجة إلى استعادة وحدتنا العربية على أسس وطنية ديمقراطية من أجل التصدي للغطرسة الصهيونية وحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي بحق أهالينا في قطاع غزة.
قال عنه “بسام أبو شريف”المستشار السياسي لعرفات، وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية سابقا في كتابه “وديع حداد ثائراً أم ارهابياً ” : يعجز كتاب واحد عن إيفاء الدكتور وديع حدَاد حقَه، فقد كانت حياته كخلية نحل لا تكلَ ولا ترتاح، ولا تكف عن العمل، وما أبلغ تلك البرقية التي وصلتني منه قبل يوم من وفاته يحدَد فيها موعد عمل.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي
