مدارس عاصمة “النور” للتدريب على التعذيب ضد الجزائريين

تقرير: ألفت مدكور
شهدت معتقلات التعذيب التى أعدها الجيش الفرنسى للمجاهدين أبشع أنواع التعذيب قبيل التحرير من ( 1954-1962 )، فقد ضمت ولاية “قالمة” 40 مركز تعذيب ، فقد كانت ممرا لقوافل العابرين إلى تونس لجلب السلاح للثوار، مازالت جدرانها قائمة حتى الان، نقشت سياط القمع وأسلاك الصعق على أجساد المقومين والثوار العارية من الرجال ، والنساء سطورا من الدماء خلدها التاريخ من اجل الحرية ،تحرير الوطن من الاحتلال.
لم تمحو تلك العقود التى مضت آلام ومرارة تقرعها الجزائريون وحتى الآن مازالت هناك “غصة” في فيهم تجاه الفرنسيون وعاصمة الحرية “باريس” أثار لم تُمحَ، وجروح لم يعالجها الزمن.
منظمات حقوقية تطالب فرنسا بالنقاش حول مسؤولية” التعذيب خلال حرب الجزائر
تحاول فرنسا منذ 2022 إعادة بناء علاقة أكثر هدوءا، من خلال تناول المسائل الشائكة بخصوص فترة الاستعمار الفرنسي وحرب استقلال الجزائر ما تأبها العديد من المنظمات الحقوقية، فقد أرسلت نحو عشرين منظمة فرنسية مذكرة إلى الرئاسة الفرنسية بالإليزيه، ذكرت فيه سلوك الجيش الفرنسي والطرق القمعية التي مارسها الاستعمال على الشعب الجزائرى، والذي شكل الاغتصاب أداته الأساسية.
طالبت تلك المنظمات غير الحكومية بينهم جمعية المحاربين القدامى، الدولة الفرنسية بالاعتراف بـ”مسؤوليتها” عن ممارسة التعذيب خلال حرب الجزائر (1954-1962) في مبادرة لـ”تهدئة” التوتر بين البلدين.
كما طالبت منظمة رابطة حقوق الإنسان و”المجندون السابقون في حرب الجزائر وأصدقاؤهم ضد الحرب بفرنسا في ملف آخر أرسل إلى الإليزيه تقديم توضيح عن ممارسة التعذيب في تلك الفترة، وأن طلبها نابع من الثقة بقيم الأمة وليس تعبيرا عن الندم.

وبحسب المنظمات الموقعة على المذكرة فإنه خلال ما سمي لفترة طويلة “أحداث الجزائر” تم التنظير للتعذيب كنظام حرب وتعليمه وممارسته والتستر عليه وتصديره من قبل الحكومات الفرنسية، الأمر الذي ينطوي على مسؤولية الدولة الكاملة.
الاعتراف ليس إدانة
اعترف الإليزية في وقت سابق في بيان أصدره في 18 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بأن هناك أقلية من المقاتلين قاموا بنشر الرعب وممارسة التعذيب خلال حرب التحرير.
لكن نيل أندرسون، رئيس منظمة “العمل ضد الاستعمار” وصف التصريح بأنه غير مكتمل، لأنه لا يحدد سلسلة من المسؤوليات، خصوصا في أعلى هرم الدولة.
موضحا أن “الأمر لا يتعلق بالإدانة ولا بالحكم على أحد، بل بالنظر إلى التاريخ وجها لوجه، بهدف التهدئة” ما “سيسمح بالانتقال إلى الخطوة التالية، وهي فهم كيف أمكن حصول ذلك ثم المضي قدما في العيش معا، لأن المسألة الجزائرية حساسة في الرأي الفرنسي.
مدارس للتدريب على التعذيب
توسعت سلطات الاحتلال الفرنسي في سياسة القمع والتنكيل إلى استحداث وسائل أكثر وحشية خاصة بعد تولي “غي موليي” رئاسة الحكومة في 1946م وإقرار قانون “السلطات المطلقة” الذي استغله الاحتلال الفرنسي أسوأ استغلال.

وقامت السلطات الفرنسية سنة 1958م بإنشاء مدرسة مُتخصصة في فن التعذيب بمدينة “سكيكدة” وأصبح التعذيب الجسدي والمعنوي جزءً من التدريب العسكري في الوحدات العسكرية الفرنسية بالجزائر.
وقدمت المنظمات دليل على أن التعذيب الذى مارسته باريس ضد الجزائريون “تم تدريسه منذ عام 1955” في المدارس العسكرية الكبرى مثل “سان سير”، وأن أولئك الذين عارضوه خلال حرب الجزائر “أدينوا” في المحاكم.
كان الكاتب الصحافي والمناضل الشيوعي هنري أللاغ شهادته ،على التعذيب الذي تعرض له فى عام 1958 من جانب الجيش الفرنسي، في كتاب بعنوان ” السؤال” تم حظره على الفور.

قدمت المنظمات غير الحكومية والجمعيات، عشرات الشهادات لأشخاص تعرضوا للتعذيب خلال الحرب التي أدت إلى استقلال الجزائر بأفظع الانتهاكات بالإغراق في حوض الاستحمام،والصعقات الكهربائية” في “الأعضاء التناسلية ،وإجبار المعتقلين على ارتداء والسير بأحذية داخلها مسامير حادة .
تكثف باريس والجزائر حاليا، جهودهما لإعادة بناء علاقة أكثر هدوءا، من خلال إزالة العقبات تدريجا من المسائل المتعلقة بفترة الاستعمار الفرنسي وحرب استقلال الجزائر.
وتم إنشاء لجنة من المؤرخين الفرنسيين والجزائريين في العام نفسه، من قبل رئيسي الدولتين من أجل “فهم متبادل بشكل أفضل.
وذكر المؤرخ الفرنسي الشيوعي جاك جورك، أن فرنسا قتلت 10 ملايين جزائري خلال الحقبة الاستعمارية للجزائر بين 1830 -1962، وبحسب الباحث والمؤرخ الدكتور محمد لحسن زغيدي، فإن عدد الضحايا من الجزائريين على يد الاحتلال يفوق التسعة ملايين إنسان وليس مليون ونصف فقط.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي
