جيبوتي جزيرة مستقرة في منطقة مضطربة

تقرير: إيهاب أحمد
تطل جيبوتي الدولة الصغيرة التي تبلغ مساحتها نحو 23 ألف كيلومتر مربع وعدد سكانها 942 ألف نسمة وينتمون بشكل أساسي إلى مجموعتين عرقيتين، هما: عيسى ذات الأصل الصومالي وعفار ذات الأصل الإثيوبي، تتميز جيبوتي بموقع فريد فتطل على مضيق باب المندب، الذي يمثل بوابة قناة السويس، أحد أكثر طرق الشحن ازدحاما في العالم، الإسلام هو الدين الرئيسي في جيبوتي، التي يتحدث سكانها اللغات الفرنسية والعربية والصومالية، عفار يُعتبر ميناء هذه الدولة شريان الحياة لاقتصادها، ويوفر أكبر مصدر للدخل والعمالة في هذا البلد القاحل.
كان قرب جيبوتي من المناطق المضطربة في إفريقيا والشرق الأوسط واستقرارها النسبي إلى اكتسابها أهمية فريدة بالنسبة للقواعد العسكرية الأجنبية وبالتالي ضمنت تدفقا ثابتا من المساعدات الخارجية.
تحتفظ فرنسا القوة الاستعمارية السابقة بوجود عسكري كبير هناك، كما تستضيف البلاد أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في إفريقيا، وأول قاعدة عسكرية خارجية للصين وأول قاعدة عسكرية يابانية منذ الحرب العالمية الثانية كما تعد جيبوتي البوابة الرئيسية لتجارة جارتها العملاقة إثيوبيا.

استقلال جيبوتي
نالت جيبوتي استقلالها عن فرنسا في عام 1977 وتمتعت بحكومة متوازنة بين المجموعتين العرقيتين الرئيسيتين وهما عيسى ذات الأصل الصومالي ومجموعة عفار الإثيوبية الأصل.
وقد انعكس الموقف المتوازن لجيبوتي في العلاقات الخارجية على سياساتها الداخلية، حيث تم انتخاب غوليد، وهو من عرقية عيسى، لفترتين متتاليتين كرئيس في عامي 1981 و 1987.

أُعيد في عام 1987 تعيين بركات جوراد حمدو، وهو من عرقية عفار في منصب رئيس الوزراء الذي شغله منذ عام 1978. وبدا من خلال التعيينات الوزارية أن السلطة مشتركة للحفاظ على التوازن العرقي لكن التوترات العرقية كانت واضحة في السنوات الأولى بعد الاستقلال.
بحلول عام 1978، شهدت الدولة أزمتين وزاريتين وتغييرات في منصب رئيس الوزراء، حيث كان المطردون من مناصبهم من عرقية عفار، وتم اتهامهم بإثارة الفتنة العرقية وقد أقام غوليد دولة استبدادية ذات حزب واحد تهيمن عليها عرقية عيسى التي ينتمي إليها، فأدى ذلك إلى استياء عفار واندلاع حرب أهلية في أوائل التسعينيات من القرن الماضي.
سيطرة حزب التجمع الشعبي
وبعد حظر أحزاب المعارضة في عام 1981 أصبح الصراع العرقي في الساحة السياسية ضئيلا مع هيمنة عرقية عيسى على الخدمة المدنية والقوات المسلحة، وبات حزب التجمع الشعبي من أجل التقدم (آر بي آر) الحزب السياسي الوحيد المعترف به قانونياً.
وفي الواقع أنه لا يمكن اختزال التحديات التي واجهت استقرار جيبوتي حينئذ في عداوة عفار وعيسى التقليدية.
فقد ظهرت أيضا المشكلات الخطيرة التي واجهتها في التركيبة السكانية الحضرية لعاصمتها فيما يوجد على مشارف المدينة مجتمع عشوائي واسع يعرف باسم ب”البالا” والذي تطور في الأصل خارج حدود الأسلاك الشائكة التي أقامتها الإدارة الاستعمارية الفرنسية لمنع الهجرة إلى العاصمة والتي تضاعف حجمها 3 مرات في خلال عشر سنوات بعد الاستقلال.
تدهور العلاقة بين جيبوتي وإريتريا
بعد أن تدهورت علاقة جيبوتي إلى حد ما مع إريتريا المجاورة في أبريل 2008 وذلك عندما حشدت إريتريا قواتها على طول منطقة رأس دميرة الحدودية في جيبوتي، وقد أدى هذا الإجراء إلى نشوب اشتباكات حدودية أفضت في إلى مقتل أكثر من 30 شخصا وإصابة كبير وتعرضت إريتريا لانتقادات واسعة، خاصة من قبل الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وفرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على إريتريا في عام 2009 ثم انسحبت القوات الإريترية من جيبوتي في 2010.
قواعد عسكرية دولية بجيبوتي
يوجد قاعدة عسكرية أمريكية في معسكر “ليمونيه” في جيبوتي، وقاعدة عسكرية صينية على بعد أميال قليلة منها على حافة الساحل في هذه الدولة الصغيرة، التي يقل عدد سكانها عن مليون نسمة تحمل أرضها آلاف الجنود من الولايات المتحدة والصين وفرنسا واليابان وإسبانيا وإيطاليا وبسبب قرب القاعدة الأمريكية من نظيرتها الصينية بالفعل فقد حدث مواجهات دبلوماسية خطيرة، خاصة عندما اقتربت الطائرات الأمريكية كثيرا (من القاعدة الصينية) في عام 2018، استخدم الصينيون أشعة ليزر من الدرجة العسكرية لتعمية الطيارين الأمريكيين.

يذكر أن قوات الدفاع الذاتي اليابانية لديها عدة مئات من القوات المتمركزة بجانب الأمريكيين، كجزء من مهمتهم الخارجية الدائمة الوحيدة منذ الحرب العالمية الثانية، يفترض أنهم موجودون لمراقبة الهجمات التي يشنها القراصنة الصوماليون المجاورون، لكن السبب الحقيقي هو مراقبة الصينيين.
بشكل عام تعتبر جيبوتي جزيرة استقرار في منطقة مضطربة، فإلى الشمال تقع إريتريا الشمولية، وفي الغرب الحرب الأهلية في إثيوبيا، وفي الشرق دولة فاشلة في الصومال، وعبر المياه تجري حملة القصف التي كان يشنها تحالف بقيادة السعودية في اليمن.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي