العرب وافريقياعاجل

استعادة المجال الجوي بالصحراء الغربية يبشر بإعادة العلاقات الدافئة بين الرباط ومدريد

تقرير: ألفت مدكور

بدأت العاصمة الإسبانية مدريد والمغربية الرباط، تطبيق اتفاق ضمني يقضي بإعادة فتح الجمارك التجارية بمدينتي سبتة ومليلة المتنازع عليهما منذ انسحاب قوات الاحتلال الفرنسي من المغرب عام 1956، حيث تعارض الرباط بقاء الجزيرتين تحت إمارة المملكة الإسبانية، معتبرة إياها من بقايا الاستعمار.

يقضى الاتفاق الجديد أيضا باستعادة الرباط إدارة المجال الجوي المدني لأقاليم الصحراء، الذي ظلت تديره مدريد رغم نهاية احتلالها للمنطقة سنة 1975، فهل يبشر الاتفاق الجديد بإعادة العلاقات الدافئة بين البلدين؟

تتمتع الرباط حاليًا بحرية الطيران العسكري المغربي في المجال الجوي للصحراء بينما تقيد حرية  الطيران المدني، يظل الطيران المدني مقسما بين شمال يدار من مدينة الدار البيضاء والجنوب مازال خاضعا لجزر الكناري.
مؤخرا شهدت المفاوضات تقدما بشأن نقل الحكومة الإسبانية إدارة هذا المجال للمغرب، حيث بقيت بعض التفاصيل التقنية التي يجب الحسم فيها قبل أن تتولى محطة جديدة تم إنشاؤها في مدينة أغادير سنة 2019 إدارة المجال الجوي المدني للصحراء.
تنتظر مدريد في المقابل إعادة فتح معبري سبتة ومليلية المغلقين منذ 2019 أمام الحركة التجارية، وهو ما لم تتم الموافقة عليه حتى الآن، حيث يرى المراقبون أن ذلك مرتبط بالتسليم الفعلي للمجال الجوي للصحراء، كتأكيد ضمني جديد من جانب مدريد على السيادة المغربية على الصحراء.

استعادة المجال الجوي بالصحراء الغربية يبشر بإعادة العلاقات الدافئة بين الرباط ومدريد

بداية الصراع

يعود الصراع بين البلدين على الجزيرتين الواقعتين شمال المغرب على مضيق جبل طارق، تبلغ مساحة سبتة نحو 19 كيلومتراً مربعاً، بينما يبلغ تعداد سكانها 77 ألف نسمة، وهم خليط من النصارى والمسلمين وقليل من اليهود والهندوس، فيما تبلغ مساحة مليلة نحو 12 كيلومتراً مربعاً، ويبلغ تعداد سكانها نحو 79 ألف نسمة، 65 في المائة منهم مسيحيون، و35% مسلمون، مع وجود أقلية يهودية.


مثلت قضية الصحراء التي أربكت السياسة الخارجية للمغرب منذ منتصف السبعينيات ورقة ضغط رئيسية في يد إسبانيا، إذ عملت مدريد على دعم جبهة “البوليساريو” المطالبة بدولة مستقلة في الصحراء ، يعود ذلك إلى رغبة مدريد في إشغال المغرب عن المطالبة بحقوقه الشرعية في سبتة ومليلية.

حسم الصراع في الصحراء الغربية

تعتقد مدريد أن حسم هذه القضية سيجعل المغرب يتفرغ لاستعادة ثغوره الشمالية المحتلة وتركيز جهوده عليها، وهو ما يعني أن إسبانيا تريد كسب المزيد من الوقت بإشغال المغرب في موضوع الصحراء بما يمكنها من تحضير الشروط الكفيلة بحسم ملف المدينتين حسب رغبتها في حال إذا ما اضطرت إلى ذلك يوما ما.
كان الأسبان أخضعوا المنطقة الصحراوية لتقسيمات إدارية استهدفت عزل الإقليم الصحراوي عن محيطه الجغرافي في المغرب وموريتانيا والجزائر، بالإضافة إلى تقطيعه إلى مناطق منفصلة عن بعضها تخضع كل منها لسلطة مستقلة عن الأخرى.
بالفعل، شرعت مدريد في ترتيب البيت الصحراوي ما بعد إسبانيا من خلال المفاوضات مع مختلف الأطراف بهدف التوصل إلى اتفاقات ثنائية تضمن مصالح الأسبان من جهة، وتبقي على فتيل قابل للاشتعال متى ما استدعت ذلك ملفات إسبانيا العالقة في المنطقة.
في هذا الإطار أجرت الحكومة الإسبانية لقاءات في سبتمبر/أيلول 1975 مع بوليساريو كان موضوعها الاستقلال ومستقبل العلاقات، ثم عقدت في الشهر الموالي مباشرة “اتفاقية مدريد” مع المغرب وموريتانيا التي تتخلى بموجبها عن إدارة الصحراء لصالح البلدين.

البوليساريو تكثف نضالها بنسف وتدمير محطات

في هذه الأثناء كانت الأطراف المطالبة بالصحراء تستعد لاقتطاف الثمرة اليانعة كل بطريقته، فالبوليساريو تكثف نضالاتها بنسف وتدمير محطات الحزام الناقل للفوسفات وتأجيج المظاهرات المطالبة بالاستقلال لتعم المدن الصحراوية.

 البوليساريو تكثف نضالها بنسف وتدمير محطات

البوليساريو 

وقد طرحت الأمم المتحدة عدة حلول في إطار تسوية النزاع بين المغرب “البوليساريو”، لكن أيا منها لم يلقَ موافقة من الطرفين، فحل الاستفتاء‏ المطروح منذ فترة الثمانينات الذي يؤول لأحد خيارين، إما الانضمام للمغرب ترفضه الجبهة، أو الانفصال عنه وتكوين دولة الصحراء الغربية المستقلة، يرفضه المغرب ويعتبره انتقاصا من سيادته وخرقا لها.
فالمغرب الذي ورث عن الاستعمار حدودا يعتبرها تآمرية على أرض المملكة التاريخية لا يمكنه أن يفرط في إقليم الصحراء الذي يعد واحدًا من أكثر السواحل ثراء بالثروة السمكية في العالم، يحتل الرتبة الأولى عالميا في إنتاج الفوسفات، كما يمتلك ثروات باطنية متنوعة قد تشمل الغاز والنفط، فضلا عن كونه منطقة استراتيجية لأمن أوروبا.

 

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى