شخصيات عربيةعاجل

أم اكلثوم  مطربة وحدت العرب من المحيط إلي الخليج

 

رؤية تحليلية : محمد غزلان

حمسون عاماً مضت علي وفاة أم كلثوم ومازالت أغانيها الأعلي صوتاً في العواصم العربية والأكثر انتشاراً في المحطات التليفزيونية ولا يخلو بيت عربي من المحيط إلي الخليج من شريط أو أكثر مسجل عليه أغنيات كوكب الشرق.. هذا اللقب الذي خلعه عليها عشاقها واعتزت به وكانت تراه أرفع من الأوسمة التي حصلت عليها. خمسون  عاماً مضت علي وفاتها ومازال الشعب العربي “لسه فاكر” وإن لم تكن الأغلبية العظمي منه تحفظ أغانيها عن ظهر قلب. فالكل يعلم أسماء أغانيها. مقدماتها الموسيقية وبعض الأبيات من شعر كتبها مؤلفون. كانت أم كلثوم تبحث عنهم وتبحث عما يقدم الجديد في مجال الكلمة أو اللحن لتستمر علي عرش الغناء العربي في حياتها لمدة سبعة وخمسين عاماً. وبعد مماتها ولمدة أربعين عاماً حتي الآن.
خلال حياتها وبعد مماتها كتبت المئات من المقالات وعشرات الكتب عن أم كلثوم. من أين أتت. وكيف نزلت من قريتها بصحبة أبيها إلي القاهرة عام 1916 بعدما تعرف علي الشيخين زكريا أحمد وأبوالعلا محمد في أحد الموالد الشعبية وأقنعاه ان ابنته كنز وحنجرتها من ذهب. وأن القاهرة وليست السنبلاوين أو طنطا هي طريقها إلي الشهرة والمجد. صدقهما لارجل وجاء بفتاته إلي مصر.. مصر القاهرة لتدق بصوتها أبواب العاصمة علي استحياء. إلا أنه سرعان ما فتحت لها كل الأبواب.. وفي عز مجد المطربة منيرة المهدية ملكة الطرب في ذلك الحين. ومثلت لها تهديداً حقيقياً.
بدأت بالأناشيد الدينية في المناسبات في قصور أثرياء مصر. أول ما أحيت ليلة الإسراء والمعراج في قصر عزالدين يكن. كان أميراً لا يرتاد قصره إلا الأمراء ودخلت الفتاة الريفية تلك بصحبة والدها وفي حماية الشيخين الملحنين زكريا أحمد وأبوالعلا محمد. أشجت الحاضرين وأثنوا عليها وهللوا.. ورأت الفتاة نعيم القاهرة. وأمراء القصور وثراء السيدات وكان الفتح العظيم. نقدها الأمير عزالدين يكن ثلاثة جنيهات ومنحتها أميرة القصر خاتماً ذهبياً. كشف فيما بعد حرص أم كلثوم علي اقتناء الذهب والجواهر والتزين بها في حفلاتها التي استمرت حتي عام 1973 قبل توقف نشاطها الغنائي بسبب المرض.
أدركت الفتاة الريفية البسيطة ببصيرتها أن الثراء ليس وحده السلطة. لكن الجمال له سلطة وسلطان. وأن طلاوة الصوت ومعاني الكلمات لهما من القوة والسحر ما يمكنهم من خلع القلوب طرباً وفرحاً.. ومن قصر عزالدين إلي مسرح الأولمبياد في باريس عام 1967 كانت النجمة الوحيدة. وان هذه المكانة تحتاج إلي حماية وإلي البحث عن ملحنين ومؤلفي أغاني وظلت طوال تلك السنوات تبحث وبشغف وبلهفة لكل ما هو جديد لتثبت أقدامها في مجال الطرب والغناء دون منافس.
كان زكريا أحمد من أشهر المؤلفين في ذلك الحين. إلا أنه ملحن منيرة المهدية التي كان يتسابق عليها الأمراء لإحياء لياليهم ورغم اقتناع زكريا أحمد بموهبة أم كلثوم إلا انه لا يستطيع أن ينهي خدماته مع منيرة المهدية.. في البداية أقنعته أم كلثوم بألا يقتصر تلحينه لأغاني منيرة. وفي ثلاثينيات القرن الماضي. قرر زكريا أحمد أن يعطي بعض ألحانه للشابة القادمة من السنبلاوين. والتي ستزيح منيرة المهدية عاجلاً أو آجلاً من علي عرش الطرب لتحتله هي. في ثلاثينيات القرن الماضي. غنت أم كلثوم 94 أغنية. لحن منها زكريا أحمد العديد من الأغاني التي فتحت المجال واسعاً أمام أم كلثوم.. وتعرفت علي كبار المؤلفين في ذلك الوقت وكان نصيب الأسد في أغايها من كلمات الشاعر أحمد رامي.

لقد غنت أم كلثوم علي مدار مشوارها الفني أكثر من 280 أغنية. كان القاسم المشترك الأعظم فيها لأسماء كبار في تاريخ الموسيقي العربية. سواء من ناحية اللحن أو الكلمات: أحمد رامي وبيرم التونسي وإبراهيم ناجي.. وقصائد من الشعر العربي لأبي فراس الحمداني وغيرهم. كان زكريا أحمد هو المنصة التي انطلقت منها.. ورغم استمرار العلاقة الفنية بينهما. إلا انها كانت تبحث عن كل جديد وأدركت بفطرتها مبكراً أن الأغنية من حيث اللحن والكلمات تحتاج كل يوم إلي دماء جديدة وتعرفت علي الملحن الشاب رياض السنباطي الذي أبدع في تلحين القصائد مما جعل البعض يقول: “إذا أردت أن تتكلم فتسنبط” أي إذا أردت الاستمتاع بكلمات أغاني أم كلثوم عليك الاستماع إلي ألحان السنباطي.
وجاء اختلافها مع ملحنها وأبيها الروحي والذي شق معها طريق الشهرة زكريا أحمد بمثابة إنذار لها. إلا انها كانت قد تعرفت علي ملحنين آخرين ومنهم السنباطي وقد لجأ زكريا أحمد إلي المحكمة مطالباً برفع أجره عن التلحين بعدما رفضت أم كلثوم زيادة مكافأته عن الألحان ونظرت المحاكم القضية وظلت …

زر الذهاب إلى الأعلى