صراع الهوية بين تركيا و الأكراد ممتدد منذ قرنين

بالرغم من أن الصراع الكردي التركي بدأ قيل قرنين من الزمان إلا أن تاريخ الصراع الحديث يعود إلى الوقت الذي إنهارت فيه الخلافة ونم إلغاؤها حيث كان الأكراد في عهد السلطان عبد الحميد الثاني رعايا مخلصين للخليفة لكنه أصبح إنشاء جمهورية علمانية على أنفاض الخلافة الإسلامية في عام 1924 مصدر استياء عام بين الجماعات الكردية .
حيث أن إنشاء الدولة القومية التركية أدى إلى القضاء على نظام الملل و الذي ظل قرونًا فتم توحيد الجماعات العرقية المسلمة في الإمبراطورية العثمانية تحت هوية إسلامية موحدة حيث اعتبرت الدولة التركية العلمانية الوليدة آنذاك الجماعات العرقية المسلمة المختلفة أتراك وفقط، و لم تعترف بالهوية القومية الكردية أو الإسلامية المستقلة فكان من نتائج هذا سلسلة من الانتفاضات في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية الآهلة بالسكان الأكراد في تركيا، بما في ذلك ثورة الشيخ سعيد و التي تم قمعها بوحشية في عام 1925 و التي لم تكن الأولى و لا الأخيرة فقد كان من قبلها و بعدها ثورات و انتفاضات و تمردات عدة فكان قبلها انتفاضة بيتليس (1914)، والتمردات الكردية خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1917)، وتمرد كوجكيري (1920)، وتمرد بيت الشباب (1924)، و جاء بعدها تمرد أرارات (1930)، وتمرد درسيم (1938).
تأسس حزب العمال الكردستاني في سنة 1978 في قرية ليجه على يد مجموعة من الطلاب الكُرد بقيادة عبدالله أوجلان كان السبب الأساسي الذي قدمه الحزب لذلك هو اضطهاد الأكراد في تركيا ففي ذلك الوقت تم منع استخدام اللغة واللباس والفولكلور، والأسماء الكردية في المناطق التي يقطنها الأكراد صنفت الحكومة التركية الأكراد على أنهم أتراك الجبل خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي في محاولةٍ لإنكار وجودهم حظرت الحكومة التركية استخدام كلمات الكُرد أو كردستان أو الكردية بشكل رسمي وبعد الانقلاب العسكري في سنة 1980 حُظر استخدام اللغة الكردية في الحياة الخاصة وعلى الملأ واستمر الحظر حتى سنة1991 اعتقل وسجن العديد ممن تحدثوا أو نشروا أو غنوا باللغة الكردية،
ومع ذلك فإن التمرد الشامل لم يبدأ حتى 15 أغسطس 1984 عندما أعلن حزب العمال الكردستاني الانتفاضة الكردية حيث قُتل أكثر من 40 ألف شخص ،منذ بدء الصراع، الغالبية العظمى منهم كانوا من المدنيين الكرد اتُهم الجانبان التركي و الكردي بارتكاب العديد من انتهاكات حقوق الإنسان أثناء الصراع. أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا بالعديد من الجرائم منها الإعدامات المنهجية للمدنيين الكرد والتعذيب والتهجير القسري وتدمير القرى والاعتقالات التعسفية، واختفاء أو قتل الصحفيين، والنشطاء، والسياسيين الأكراد و أيضا واجه حزب العمال الكردستاني إدانة دولية لاستخدامه تكتيكات الإرهابيين التي تشمل الخطف، ومذابح المدنيين وتورطها في عمليات اتجار المخدرات وقد استهدفت المنظمة المدنيين، والأطباء، والمدرسين، والمدارس، والمستشفيات، والمؤسسات الحكومية الأخرى على نطاق واسع.
أُلقي القبض على زعيم الحزب عبدالله أوجلان في كينيا في فبراير سنة 1999، من قبل جهاز الاستخبارات الوطنية التركية (إم آي تي) واستمر التمرد الأول حتى سبتمبر سنة 1999 عندما أعلن الحزب وقف إطلاق النار آحادي الجانب اثم اشتعل الصراع مرة أخرى في 1 يونيو سنة 2004 عندما أعلن الحزب إنهاء وقف إطلاق النار وبعد صيف سنة2011 تصاعد عنف النزاع، مع استئناف الأعمال القتالية على نطاق واسع .
وفي 2013 أعلن أوجلان نهاية الكفاح المسلح ووقف إطلاق النار وبدء محادثات السلام ثم استؤنف الصراع 2015 عندما قصفت القوات الجوية النركية مواقع حزب العمال الكردستاني في العراق، في خضم التوترات الناشئة عن التدخل التركي في الصراع مع المجموعات الإسلامية في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في يوليو عام 2015.
مع استئناف العنف، قُتل مئات المدنيين الكرد على أيدي الجانبين ووقعت العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، بمافي ذلك كعمليات التعذيب و الإغتصاب، وتدمير الممتلكات ودُمرت خلال الاشتباكات، أجزاء كبيرة من العديد من المدن ذات الأغلبية الكردية مثل ديار بكر و شرناق و غيرها… كذلك كان للصراع بين الحكومة النركية أبلغ الأثر على الإقتصاد التركي سلبيا حيث كلف الصراع الاقتصاد التركي ما يقدر بنحو 300 إلى 450 مليار دولار، معظمها تكاليف عسكرية. كما أثّر الصراع على صناعة السياحة بتركيا.
