فاروق فلوكس .. تاريخ في المسرح والسينما وطفولته أمام قصر عابدين

عرض : أحمد عبد الحافظ
حول محطات حياة الفنان المصري فاروق فلوكس صدرت حديثا مذكراته التي تحمل عنوان “الزمن وأنا” في كتاب عن دار صفصافة المصرية للنشر والتوزيع، رواها عنه الكاتب المصري حسن الزوام في خمسة عشر فصلا، وجاءت بعناوين غطت مراحل حياة فلوكس الدراسية والفنية والاجتماعية،أشار خلالها لبذور الفن التي ظهرت في شخصيته منذ نشأته الأولى، وفي الفصل الذي جاء بعنوان”جار الملك”ذكر أنه كان يسكن بالقرب من قصر عابدين زمن الملكية، وعلى اسم الملك فاروق وقتها اختار والداه اسمه تيمنا به،وقد بدأت ممارساته الفنية مبكرا بتعلمه الرسم ودراسة الخرائط في الجمعية المصرية الجغرافية، وفي الفصل عنوانه “جمهورية وهندسة وفن”ركز فلوكس علىأحداث ثورة 23 يوليو ودراسته في كلية الهندسة، وتطوعه في المقاومة الشعبية.
صفحاته عن علاقته بالمسرح
الكتاب جاء في 498 صفحة،وتحدث فلوكس خلال صفحاته عن علاقته بالمسرح، وكيف بدأت، ثم رفضه الانضمام إلى فرقة “ثلاثي أضواء المسرح” بسبب انشغاله بالدراسة، وحكى عن ليالي مسرحية “الواد سيد الشغال” مع الفنان عادل إمام، وعلاقته المميزة بعدد من مشاهير الفنان ينفي بداية الخمسينات، ثم عمله في مجال السينما مع نجوم كبارأمثال سعاد حسني، ورشدي أباظة وشمس البارودي، وصلاح ذو الفقار وعادل إمام وناهد شريف،وقال إنه كان يتمنى أن يعمل مع المخرجين عاطف الطيب ويوسف شاهين،مشيرا إلى أنه”كانت هناك فرصة لم تكتمل للعمل مع الثاني حينما رشحه لدور في أحد أفلامه، لكنه اختار محمد الشويحي، وكان له الحق في ذلك بوجهة نظره العالية في السينما”.
راو سيرة حياة فاروق فلوكس الكاتب حسن الزوام قال “للوسط العربي “إن مشروع كتابة مذكرات “فاروق فلوكس” بدأت فكرتها من ابنته المخرجة “يسر فلوكس”، وكانت تعمل على إصدارها في كتاب، ثم بدأنا الجلسات التي اتفقنا فيها على الخطوط العريضة للعمل وتدوين الأحداث التي اتضح أن الفنان فاروق فلوكس يملك لكل منها ما يدل عليها، فقد كان يحتفظ مثلا بتذاكر الطيران لرحلاته التي كان يقوم بها، والتأشيرات وقسمائم حجز الفنادق، والصور التي تم التقاطها في الأماكن التي زارها، وأظهرت الجلسات أنه يملك أرشيفاً منظماً يدعم كل ما مر به من مواقف وأحداث، وما فيها من مصاعب وأزمات سعى لتجاوزها والخروج منها”.
جاءت المذكرات بترتيب زمنى متصاعد منذ ميلاد فلوكس في منطقة عابدين حتى اللحظة الراهنة، واستغرق تسجيل حكاياته أربعة أشهر، وجاءت في حوالي أربعين ساعة، ووثق خلالها مرحلة هامة من تاريخ مصر فنًّيا وسياسياواجتماعيا.
– كواليس الواد سيد الشغال
وعن كواليس مسرحية “الواد سيد الشغل” التي تم عرضها عام 1985، قال فلوكس إن الفنان عادل إمام رفضهابعد قراءته المشهد الأول، فقام فلوكس مع سمير خفاجي بإجراء التعديلات، وقدماها إلى المخرج حسين كمال فأجازها، وقررا عرضها على عادل إمام مرة أخرى، فقبلها، ونجحت نجاحا كبيرا، ثم ذهب “إمام” بها إلى الأردن،وقدمها في مهرجان جرشعام 1986على المسرح الروماني، ثم إلى ألمانيا لعرضها في مدينة كولونيا، ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وقبل هذه الرحلة اعتذرت بطلة العرض الفنانة سوسن بدر، وحلت مكانها الفنانة مشيرةإسماعيل.
– الثورة والكوليرا والطريق للسينما
وتركزت المذكرات على ظروف نشأة فاروق فلوكس منذ مولده في 10 فبراير شباط عام 1937، وأحداث الكوليرا عام 1942، وحركة الجيش في يوليو تموز1952،وما جرى من تغيرات سياسية واجتماعية، وما صاحب إعلان قيام إسرائيل من ردود أفعال في مصر عام 1948، ويبحرفلوكس في رحلة عمرها 85 عامًا، وقدم في بدايتها مع زملائه مسرحيات لنزلاء مستشفى الأمراض النفسية بالعباسية، ورواد مقهى “متاتيا” الشهير بمنطقة العتبة، ويحكي خلالها عن بشر متعددي الأصول والأعراق والديانات عرفهم في حي عابدين، بينهم رجال سياسة وأهل علم، ويتذكر كيف عرف الطريق إلى السينما لأول مرة، حين قدم مع أقرانه من الأطفال في فيلم “الإيمان” للمخرج أحمد بدرخان، مشهدا وهم يلعبون الكرة مع الفنان سعيد أبو بكر، وحصل على جنيه نظير ذلك.وفي ذلك اليوم تأخرفي العودة إلى المنزل وتعرض للضرب المبرح من والدته، بعد أن أخدته الجنيه منه ومزقته.
– طفولة مع الإخوان
وانضم فلوكس في طفولته لكشافة “الإخوان”، وفي فصوله مكان يحفظ القرآن ويستمع لأحاديثهم، فضلا عن خطب المرشد حسن البنا في المقر الرئيسي للجماعة، وشارك لمرة واحدة في تدريبات الزحف على الرمال تحتالأسلاك الشائكة، وكان الهدف منها تعلم اقتحام معسكراتالجيش الإنجليزي، وبسبب لهجة مدربيهالصارمةووجوههم العابسة، امتنع عن الاستمرار،بعد أن فوجئبأنهم يفرضون عليه أشياء لا يحب أنيفعلها، كما أنه لميعتد على لغة الأوامر التي لا تقبل النقاش.
– استثمار الموهبة
وحين بدأ فلوكس دراسة الهندسةعام 1957، تعرف على الفنان أبو بكر عزت وزين العشماوي وعبد الرحمن أبوزهرة، وكانوا يشكلون فريقًا للتمثيل الصامت بمعهد الفنون المسرحية، ثم قابل فؤاد المهندس، وقتها كان نجم برنامج”ساعة لقلبك”، وعبد المنعم مدبولي، و”الضيف أحمد”الذي صار فيما بعد نجما لفرقة ثلاثي أضواء المسرح، وفي بداية حياته الوظيفية التحق الفنان فاروق فلوكس بالمصانع الحربية، ومنها لشركة مصر للإنتاج السينمائي، وأسس مع الفنان عبدالله فرغلي “فرقة العشرين”، وقدم على مسرح معهد الموسيقى العربية مسرحية”نوسة الغانية”، بطولة نجوى فؤاد وعبد الله فرغلي وإخراج عبد المنعم مدبولي،ولم تنجح، وبعد هزيمة يونيو 67 شارك في مسرحيات عديدة على مسرحشركة النصر للاستيراد والتصدير،منها “تلاتين يوم في السجن”،و”باختصارشديد جدا”، و”إغراء”، وقدم مع فرقة “الفنانين المتحدين”مسرحية”أنا وهو وهي” بدلًا عن الضيف أحمد الذي حدثت مشكلة بينه وبين الفنانة الكبيرة شويكار، وعند إعادةالمسرحية في قاعدة هويلس الليبية عام 1970، قدم دور دسوقي بدلا عن عادل إمام، بعدها توالت مشاركاته مع “المتحدين”وشارك في مسرحية “بمبة كشر”، وهي العمل المسرحي الوحيد الذي قدمته الفنانة نادية لطفي، وكواحدة من نجوم الصف الأولفي السينما، تحصلت علىألف جنيه شهريًّا، بما يعتبر نقلة في أجور المسرح وقتها، ولسوءحظ هذه المسرحية لم يتم تسجيلها.
– الانطلاق إلى السينما
واجذبت السينما فاروق فلوكس بعد نجاحه على خشبة المسرح، وكانت بدايته بفيلم “الشجعان الثلاثة” سنة 1969، مع رشدي أباظة وإبراهيم خان ويوسف فخر الدين وشمس البارودي، وكان أجره خمسة وسبعين جنيهًا، وانضم لأبطال فيلم “فتاة الاستعراض”مع سعاد حسني وحسن يوسف، وتعرض فلوكس خلال مشواره الفني للعديد من المواقف والمشكلات والأزمات منها ما أدى لانفصاله عام 1969عن فرقة “الفنانين المتحدين”بعد أن خصصوا له في مسرحية”مجنون بطة”، دورا هامشيا فقرر ترك الفرقة، وانضم بعدها إلى فرقة “مسرحية”، وقدم عرض “البنات والثعلب”مع بدر الدين جمجوم وليلى طاهر، وشهيرة، وبعد توقف الفرقة انضم فاروق فلوكس لفرقة الريحاني في عام 1969، وشارك في مسرحية “سنة مع الشغل اللذيذ”عام 1970، كما قدم دور المثقف اليساري في مسرحية “أولاد علي بمبة”، المأخوذة عن رواية “الأخوة كارامازوف”لدوستويفسكي، ولم تستمر المسرحية طويلًاولميتم تصويرها.
وتحدث فاروق فلوكس عن معاناته في شركة مصر للانتاج السينمائي، وانتقاله لشركة النصر للتصدير والاستيراد، ودخوله بقوة في مجال السينما والتليفزيون بداية من فيلم “سفاح النساء” مع فؤاد المهندس وشويكار، ومشاركته في مسلسل “سيداتي سادتي” وفيلم “برج العذراء” إخراج محمود ذو الفقار ،و”امرأة ورجل”والمسلسل الكوميدي “عماشة عكاشة”.وأمام فريدشوقي مثل فاروق فلوكس في فيلم “بالوالدين إحسانًا”عام 1976، وكان أولتعامل له معه،بعدها قدم معهفيلم “توحيدة”،كما شاركفي فيلم “لا يا من كنت حبيبي”، وفيلم “البنت الحلوة الكدابة”.
وفي منتصف عام 1979 شارك فلوكس في فيلم “خلي بالك من جيرانك”، مع عادل إمام ولبلبة وفؤاد المهندس، ومسرحية “الدنيا لما تضحك”، وهي واحدة من مسرحيات نجيب الريحاني القديمة تأليف بديع خيري، كما قدم مسلسل “عيلة الدوغري”، إخراج يوسف مرزوق، وفيلم “ضربة شمس”،وفي مطلع 1985، شارك في فيلم “قضية عم أحمد”و”عفوًا أيها القانون”، وخلال هذه الفترة توطدت علاقتهمع الفنان فريدشوقي.
