حول الخليجعاجل

كيف اشترت إيران ولاء دمشق ب 50 مليار دولار؟

تقرير: إيهاب أحمد

كان للدور الإيراني أكبر الأثر في معاونة النظام السوري، من خلال توفيرها دعمًا غير محدود تمثل في جلب الميليشيات الشيعية وزجها في سوريا لمحاربة فصائل المعارضة، الأمر الذي أحال إيران، لتکون الدولة الأکثر نفوذًا في سوريا، حيث أصبح اسم إيران عنصرًا أساسيًا في الأخبار السورية وكذلك في التطورات المتصلة بسوريا وقضيتها، يرجع ذلك لحضور إيران القوي والمتنوع في الصراع السوري وتأثيراتها المتعددة.

ولعل أبرزها تأثيرها السياسي بما فيه من فعل وتدخلات، وكذلك انخراطها العسكري والأمني في الصراعات، والقيام على ميليشيات جاءت من لبنان والعراق وأفغانستان وغيرها، إضافة إلى  عمليات تشييع تتابعها على مدى انتشارها في الجغرافيا السورية وما تنظمه من فعاليات، يتم في إطارها تنظيم ميليشيات وشبكات استخبارية، تحت لافتات إنسانية ودينية مضللة.

تأثير إيران في السياسة والاقتصاد السوري

إضافة إلى وجودها في المجال الاقتصادي والاجتماعي حيث تقوم  بنشر بضائعها في الأسواق وكذلك شراء العقارات السكنية والتجارية والأراضي الزراعية، والتداخل في علاقات مع فئات فاعلة في المجتمع السوري من رجال المال والأعمال والإدارة والأمن والجيش بسماح من النظام ثمناً لدعمها له فإيران صاحبة تأثير كبير في سوريا وجاريها العراق ولبنان المحسوبين قناة مرور متبادل لإيران والنظام السوري، ما نجح في إثارة مخاوف جهات عدة شملت قلقاً عربياً وتركياً كذلك إسرائيل والولايات المتحدة.

كيف اشترت إيران ولاء دمشق ب 50 مليار دولار؟
وثيقة مسربة.. إيران أنفقت 50 مليار دولار بسوريا وتستعيدها كديون

اتجهت إسرائيل إلى قصف مواقع إيرانية وميليشياتها، فيما صعَّدت واشنطن التهديدات ضدها وهناك مؤشرات على أهم  مشكلات إيران في سوريا والتي تتلخص في كيف يمكن لإيران أن تحكم قبضتها على سوريا ثمرة أربعة عقود ونصف من علاقات خاصة ومميزة، بدأت بين البلدين مع وصول آية الله الخوميني إلى سدة القيادة، بعد أن تم  القضاء على نظام الشاه محمد رضا بهلوي عام 1979.

وبتحليل العهد الطويل من علاقات الطرفين، يعيدنا إلى البداية حيث  كان يديرها حافظ الأسد ، والتي لم تكن تحمل الكثير من المطالب الإيرانية، كان الأساس فيها أن تكون إيران حاضرة في سوريا لتكسر حدة الحذر، ثم كان الرفض العربي الذي واكب ثورة الخميني، والذي عبر عن نفسه بقيام العراق عام 1980 بحرب السنوات الست على إيران، فكان من المهم لإيران أن يكون هناك بلد عربي محوري خارج التوافق العربي، ويقيم بصورة علنية علاقات بإيران، ويتفهم مواقفها في الحرب، وهو في ذات الوقت يناصب نظام صدام حسين في العراق العداء الشديد، وبالفعل ساعدت المنح والمساعدات الإيرانية النفطية والمالية نظام الأسد الأب في اجتياز أزمات الثمانينات الأمنية والسياسية، وأبرزها ثلاثة:

  • المواجهات مع الجماعات المسلحة.
  • الحروب في لبنان.
  • الصراعات داخل النظام ومنها تمرد رفعت الأسد.
  • ومؤيديه وخاصة سرايا الدفاع.

تواجد إيران في سوريا ودعمها المالي والعسكري 

لقد عول الإيرانيون بعد انتهاء حربهم مع العراق عام 1986 كثيرا على التمدد في سوريا، وفي لبنان حديقة سوريا الخلفية، والتي كانت ترتع فيها ميليشيات إيران مستغلة القروض والمساعدات التي قدمتها لسوريا من منح و مساعدات، لكن الأسد الأب ضرب بالطموحات الإيرانية عرض الحائط، بل وأدخل إيران في متاهة الحصول على ديونها، بحجة أنها كانت مساعدات تسند مواقفه إلى جانبها.

كيف اشترت إيران ولاء دمشق ب 50 مليار دولار؟

وقد ابتلعت طهران الرد وحملت المرحلة الثانية من علاقات طهران – دمشق، التي بدأت مع تولي الأسد الابن إلى السلطة عام 2000 ملامح مغايرة على أساس انفتاح النظام على إيران وأدواتها اللبنانية، التي أعلنت انحيازها إلى جانبه في مواجهة مساعي الاستقلال اللبناني، التي أدت لاغتيال الرئيس رفيق الحريري واندلاع المواجهة مع ثورة اللبنانيين، التي أجبرت سوريا على الخروج من لبنان بعد ثلاثة عقود من وجود ثقيل وذهب انفتاح حكم دمشق على إيران وميليشيا حزب الله في لبنان إلى أبعد مدى بعد 2011، و التي وجدت إيران في تداعياتها، ما يمكن أن يحقق لها أهداف السيطرة على سوريا، بحيث تستكمل خط سيرها من دون عوائق من طهران مروراً ببغداد ودمشق إلى بيروت، وما يحققه الخط من مصالح وأهداف استراتيجية في المستويين الإقليمي والدولي ما جعل طهران تقف إلى جانب الأسد الابن بخلاف مواقفها و التي أيدت حينها ثورات الربيع العربي، بل ودفعت حزب الله لاتخاذ الموقف ذاته في الانحياز إلى موقف نظام دمشق ودفعه قواته لمحاربة السوريين وخاصة على الحدود السورية – اللبنانية في ريفي دمشق وحمص، ثم تبعتها  الميليشيات العراقية للمجيء إلى سوريا والقتال إلى جانب الحكم في دمشق، قبل أن تدفع حرسها الثوري ومخابراتها في نفس الطريق والذي كانت نتيجته أنها قتلت وجرحت وهجّرت كثيرين، ودمرت قدرات في أنحاء البلاد، وشيعت ونظمت ميليشيات، وغيرت ملامح ديموغرافية، واشترت ولاء مسؤولين في السلطة بالترغيب والترهيب، وكرست نفوذها وأشخاصها عبر مؤسسات السلطة والمجتمع بحيث صارت قوة مؤثرة، بديونها التي وصلت إلى الخمسين مليار دولار!

 

فهل بعد كل ما فعلته إيران، مازال هناك من مشكلات تواجهها في سوريا؟ ….والجواب نعم، ثمة مشكلات تتعلق بوجود آخرين من خصوم، بينهم الولايات المتحدة وإسرائيل، وحلفاء، بينهم روسيا وتركيا، لكل منهم مواقف خلافية كبيرة مع إيران  وبسبب صراعات داخلية حيث إن الأهم في مشكلات إيران، هو موقف الأكثرية السورية، التي خاضت إيران وحلفاؤها وميليشياتها الحرب ضدهم، وما زالت تستهدفهم، وإذا كانت إيران تسعى للخروج من المشكلات الأخرى، وهو أمر بعيد الاحتمال، فإنَّها من المستحيل خروجها من خلافاتها وتناقضها مع أكثرية السوريين.

 

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى