المقاومة الفلسطينية داخل الكنيسة زمن الإنتداب البريطاني

عندما حاولت بريطانيا تفكيك المجتمع الفلسطيني في زمن الانتداب لإتاحة المجال للمشروع الصهيونى كان في فصل كامل غاب عن الرواية الرسمية: حول المقاومة الشعبية فحتى الكهنة المسيحيون دخلوا خط المقاومة ليس فقط دعم معنوى لكن دعم مباشر، عملي، ومنظّم.
ففي الثلاثينيات وفترة الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، كان هناك عدد من كهنة وأديرة فلسطين يقدّمون الدعم للثوار:
من تهريب الطعام، إلى إخفاء المقاومين، إلى تمرير الرسائل وكانت الكنيسة نفسها تتحوّل أحيانًا إلى مركز لوجستي للفدائيين. وهذا مثبت بشهادات شفوية فلسطينية ووثائق بريطانية عن “تورّط رجال دين بدعم التمرّد”.
منهم الأب بولس سلمان من القدس، أحد الكهنة الذين انكشف دورهم المباشر في دعم شبكات المقاومة ضد الانتداب البريطاني.
ساعد سلمان في نقل معلومات، وتهريب أدوات، وفتح أبواب الكنيسة لحماية مطلوبين.
اعتقلته سلطات الانتداب واتهمته بالمشاركة في العمل السرّى لأن الكنيسة بالنسبة له لم تكن فقط بيت عبادة كانت خط دفاع عن الأرض.
أما المطران غريغوريوس حجّار من حيفا، أوائل القرن العشرين.
كان حجار السيف السياسي للمسيحية الفلسطينية في وجه المشروع قبل النكبة.
خطب علنًا ضد الاستيطان والانتداب، وقال عبارته الشهيرة:
“الدفاع عن فلسطين واجب ديني قبل أن يكون وطني.”
كانت خطبه تُشعل الشارع، لدرجة أن بريطانيا فرضت رقابة على الكنائس لأنها كانت تعتبره محرّضًا على العصيان.
ماذا يعني هذا كله؟
يعني إنّ رواية الاحتلال عن “صراع ديني” هي واحدة من أكبر الأكاذيب بالتاريخ الفلسطيني قاوم كمجتمع كامل مسلم، مسيحي، فلاح، شيخ، كاهن، كلهم بخندق واحظ ضد استعمار واحد وبريطانيا كانت تسعى ذلك لذا ضربت الحركة الوطنية، وراقبت المؤسسات المسيحية مثل ما راقبت المساجد، لأنها عارفة إن المقاومة ما كانت طائفة كانت شعب.
فلسطين ليست قصة طوائف فلسطين قصة شعب وكل طوائف كان يقاوم حتى الكاهن ومازال يقاوم.
