الشرق قادمعاجل

“وهم جيش أوروبي موحد ” يساهم فى تدشين أقوى تحالف صيني روسي

 

تحليل ومتابعة: محمد عطا

 

انقلب السحر على الساحر،فلم يكن الاقتراح الحالم بإنشاء جيش أوروبي موحد ،إلا حافز قوى لتأسيس تحالف أقوى تحالف  روسي صيني فى التاريخ  ،خاصة بعد اشتعال الحرب الروسية فى أوكرانيا المدعومة من الغرب والولايات المتحدة الأمريكية ، فالعدو بالنسبة للحليفيين واحد والهدف أيضا واحد .

 

فبعد فترة كبيرة من الصراعات بين الحلفيين (الصين وروسيا) فى القرن الماضى فى فترة الاتحاد السوفيتي وقتها قبل أن يتفكك فى التسعينييات بسبب نزاعات حدودية تم الوصول للتفاهم فيها فى عام 2004  ،تطورت  لتفاهمات وحذر بين الطرفين فى بداية الألفية ،سرعان ما تحول فى عقدين  من الزمن إلى ” شراكة بلا حدود ” ،خاصة بعد بداية الحرب الروسية على أوكرانيا فى فبراير 2022

 

وحسب مراقبون للمشهد ،فإن هناك قلق كبير فى الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية من التقارب غير المسبوق بين روسيا أقوى مصدر للطاقة والغاز فى العالم ،والصين ثانى أقوى اقتصاد فى العالم ،وهو ما يشكل تهديد قوى لهم ولمصالحهم ،وهو محط دراسات وابحاث تجرى هناك  لوضع رؤية للتعامل مع ما يصفونه بالتهديد الخطير لهم .

 

التفكير الغربي فى إنشاء جيش أوروبي والذى يعاني من انقسام شديد  جعل بكين تبادر  في الأشهر الأخيرة بتعزيز التعاون بين جيش التحرير الشعبي والقوات المسلحة الروسية من خلال إجراء تدريبات مشتركة ودوريات منسقة في المنطقة المحيطة باليابان الحليف المقرب للغرب وأمريكا لتوجيه رسائل لهم .

 

وسخرت روسيا من الاقتراح الأوروبي الحالم ،حيث قالت  المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في تدوينة على موقع تيلجرام اطلع عليها ” الوسط العربي ” : “جيش للاتحاد الأوروبي؟ ربما عليكم البدء بتطوير لقاحكم الخاص ضد كوفيد؟ أو تعلم كيفية حماية حدود الاتحاد الأوروبي بطريقة إنسانية بما يتوافق مع الالتزامات الدولية؟ أو حل مشكلة اللاجئين والمهاجرين؟ بعد ذلك فقط قوموا بإنشاء جيش”.

 

وتابعت ” الاتحاد الأوروبي يجب أن يفهم أيضاً بشكل جيد نوع الوقود الذي ستعمل به المركبات العسكرية والطائرات في حال إنشاء الجيش المشترك، ثم سيأتي الرئيس الأمريكي إلى بروكسل ويقول إنه سيزيد سعر الوقود إذا لم يهاجموا من يشير عليه بإصبعه”.

 

وأضافت : “بالمناسبة، لماذا إذا تدفع كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي  ودول الناتو، مبالغ ضخمة إلى الخزانة المشتركة، وفي الواقع لواشنطن، لضمان أمنها كما يقال”

 

ونجحت موسكو  فى مواجهة الحصار الغربي ،من خلال  توسيع خطوط التبادل التجاري البديلة، وزيادة نسبة التبادل بالعملات الوطنية في إطار “شنغهاي ” و”بريكس ” وبشكل ثنائي مع حلفاء استراتيجيين على رأسهم الصين ، لتصل إلى نحو نصف حجم التجارة الخارجية الروسية، وتسعى موسكو إلى تعزيز مسار طرق الإمداد البديلة، خصوصاً ” ممر شمال – جنوب”  بالتعاون مع الصين وإيران وبلدان جنوب القوقاز، وتحسين شروط التبادل التجاري مع حلفائها.

 

وتخطط روسيا والصين لإطلاق مشروعات مشتركة في مجالات عدة عام 2024 ، على صعيد تعزيز تنسيق السياسات الخارجية وتعزيز مسار المشروعات الاستراتيجية المشتركة، من خطط لمشروعات عملاقة في مجال بناء السفن والتقنيات الشاملة والطاقة الخضراء، حيث نجحت الصين فى احتلال مكانة الاتحاد الأوروبي سابقاً كشريكاً تجاريي أول بالنسبة لموسكو ، فخلال عام 2023 ارتفع حجم التجارة الثنائية بنسبة 23 في المائة ليصل إلى 201 مليار دولار

 

واختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكين لتكون أول دولة يزورها الاشهر الماضية ، بعد اشتعال الحرب الروسية فى اوكرانيا ، واعلن خلال لقاء نظيره الصيني شي جين بينج ،اطلع على بياناته ” الوسط العربي”  عن شراكة اقتصادية دائمة.

 

 ووعدا  الزعيمين بجلب المزيد من الطاقة الروسية إلى الصين والمزيد من الشركات الصينية إلى روسيا في خطوة منهما للانعزال عن اثار العقوبات الغربية ، فى تحدى واضح للتحالف الأوروبي الأمريكي الذى يعاني من الانقسام وتضارب المصالح ،عكس التحالف الصيني الروسي .

 

 وقال الرئيس الروسي خلال زيارته بكين، فى كلمة له  اطلع عليها ” الوسط العربي” إن الصراعات والتهديدات في العالم تعزز الروابط بين بلاده والصين.

وأضاف أنه فيما يتعلق بتأثير العوامل الخارجية والصراعات على تطوّر العلاقات الروسية الصينية، فإن كل هذه العوامل الخارجية تشكّل تهديدات مشتركة تعزّز التعاون بين روسيا والصين.

 

وقال الرئيس الصيني  لحليفه إن الثقة المتبادلة بين البلدين في نمو مستمر ،  في وقت يبدي فيه الرئيسان وحدتهما ازاء الغرب، ودعا إلى بذل جهود مشتركة مع الروس ، لحماية وانصاف العدالة الدوليين ، مشيدا بالتنسيق الاستراتيجي الوثيق والفعال بين البلدين.

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى