الحكم عليها بالإعدام فضح ازدواجية الغرب واغتيالهم للحرية

نجوي إبراهيم
قامت قوات الاحتلال باستجوابها 17 يوما ذاقت شتى ألوان التعذيب من ضرب ولكم وإهانة و الكلى بأسلاك الكهرباء في أنحاء مختلفة من جسدها، لكنها ظلت صامدة وصبورة وعازمة على الحفاظ على أسماء أصدقائها من المجاهدين والفدائيين.
وعند زيارة الطبيبة “جانين بالخوجة ” لها وجدت أن جرحها لم يلتئم بسبب التعذيب المستمر الذي ترك آثارا بارزة على جسدها.
وأوضحت جميلة فيما بعد هول التعذيب الذي تعرضت له قائلة ” عُذبت بالكهرباء لـ 3 أيام متواصلة، ووضعت الأسلاك الكهربائية في أعضائي التناسلية، وفي فتحتي أنفي، وفتحتي أذني، وتحت إبطي، وعلى ثديي اللذين طالهما الكي وفخذي، ولم يتوقف التعذيب حتى أغمي عليّ وصرت أهذي”.
وكان جنود الإحتلال يريدون الوصول إلى مكان “ياسيف سعدي” و”علي لابوانت”، لأنهم وجدوا بحوزتها خطابات موجهة إليهما من قيادة جبهة التحرير، كما كانوا يريدون معلومات حول القنابل ومكان تصنيعها ولكنها لم تقل شيئا.
دفعهم عدم إفصاحها إلى اعتقال أخيها الصغير البالغ من العمر 11 سنة، وعذبوه ليخبرهم عن مكان رفاق أخته، كما اعتقلوا ابن أخ ياسيف سعدي، غير أن الصبيين لم يخبراهم بشيء رغم السجن والتعذيب.
الحكم بالإعدام
عندما فشل الفرنسيون فى أخذ أى اعترافات منها على زملائها، تقرر محاكمتها صوريًا,وتم تلفيق لها العديد من التهم , وعُيّن المحامى الفيتنامي” جاك فيرجيس” محاميا لجميلة بموجب القانون الذى لقب ب “محامي الرعب ” و ” محامي الشيطان”، بسبب مرافعته في قضايا شخصيات مشهورة متهمة بالقتل والإرهاب، البعض منها بريء والبعض الآخر مذنب .
سارع “جاك فيرجيس” إلى الحصول على محضر أقوالها، الذي كان ملفقا وفيه اعتراف لها بصنع القنابل، وطلب الاجتماع بموكلته لكن طلبَه رُفض بسبب سجنها السري، كما قام القاضي بمضايقته وسبه وشتمه متهما إياه بالخيانة.
وقال القاضي معترضا على دفاع فيرجيس عن بوحيرد إن السلطات الفرنسية تلقي القبض على الأطباء الذين يعالجون الثوار، وكان الأولى أن تقبض على المحامين الذين يدافعون عنهم. وواصلت السلطات الفرنسية التضييق على المحامي بعد ذلك إلى حدود محاولة قتله
وكانت عقوبة هذه التهم هى الإعدام وصدر بحقها حكم الإعدام عام 1957، ضحكت بوحيرد وردت: “أعرف أنكم سوف تحكمون علي، بالإعدام لكن لا تنسوا إنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقل
وحددت جلسة الاستئناف في شهر سبتمبر/أيلول، إلا أنه وبسبب انفجار جديد في أحد الملاهي تم تقديم موعد الجلسة إلى تاريخ منتصف يوليو/تموز 1957, أضيفت “أدلة جديدة” في الملف، منها اعتراف بعض زملائها عليها بعد أن ألقي القبض عليهم، وحكم عليها بتهمة حيازة المفرقعات وتدمير المباني بها، والشروع في القتل والاشتراك في حوادث قتل، والانضمام إلى جماعة من القتلة.وصدر حكم بإعدامها مع جميلة ابو عزة.
“الحرية لجميلة بوحيرد”
وقبل تنفيذ حكم الإعدام انطلقت التظاهرات الشعبية احتجاجاً على اعتقالها وتطورت قضيتها لتصبح قضية عربية وعالمية,طالب زعماء العالم وفي مقدمهم الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس الهندي نهرو، والزعيم السوفياتي فورو شيلوف بالعفو عنها.
تحرك الرأى العام العالمى ضد فرنسا، وانتشرت جملة “انقذوا جميلة” عبر وسائل الإعلام الغربية, واجتمعت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بعد تلقيها العديد من برقيات الإستنكار على حكم الإعدام ,وفي صباح 7 مارس /آذار 1958، يوم تنفيذ الحكم انتفض العالم رافعًا شعار “الحرية لجميلة بوحيرد”، وصدر مرسوم في 18 نيسان بتخفيف حكم الإعدام إلى السجن مدى الحياة.
وكانت تقول: “كنت أفضل الموت على حياة المعتقل، ليتهم أعدموني لاسترحت من العذاب الذي أعانيه الآن
