الهلال الخصيبعاجل

سقوط سوريا في فخ مؤامرة “الفوضى الخلاقة” وكيف تحولت لساحة حرب بالوكالة  

رؤية تحليلية : إيهاب حسن 

مطلع عام 2005 أدلت وزيرة الخارجية الأميركية «كونداليزا رايس» بحديث صحفي مع جريدة “واشنطن بوست” الأميركية، كشفت حينها أن نظرية الفوضى الخلاقة أصبحت أولوية للسياسة الخارجية الأمريكية،  وروجت أن الولايات المتحدة تريد نشر الديمقراطية بالعالم العربي والبدأ بتشكيل مايُعرف ب «الشرق الأوسط الجديد»، من خلال  نشر «الفوضى الخلاقة» في الشرق الأوسط عبر الإدارة الأميركية.

الفوضى الخلاقة … ومخطط برنارد لويس

في حين كان الهدف الحقيقي للفوضي الخلاقة هو تدمير واضعاف جيوش الدول العربية المعادية لإسرائيل وتقسيمها علي أساس طائفي. وسرقة الثروات النفطية والغاز تحت شعار الديمقراطية والحرية؛ فخلال الحروب الأهلية سينشرون التنظيمات الإرهابية ثم تتدخل الولايات المتحدة والغرب في تلك الدولة لسرقة ثرواتها بحجة محاربة الإرهاب كما حدث من سرقة ثروات العراق وسوريا وليبيا بعد حروب الربيع العربي المزعوم وظهور داعش.

فمخطط الإدارة الأمريكية لم يكن بالجديد غير أنها عكست حقيقة المؤامرة التي غابت عن أذهان العرب والتي وضع أسسها المفكر اليهود (برنارد لويس) للاستيلاء على ثروات العرب واحتلال أراضيهم وتدمير ثقافتهم وهويتهم .  

فقد نصح برنارد بتضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها وتقسيمهم إلى وحدات عشائرية وطائفية، ، قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها . وأشار إلى ضرورة الاستفادة من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار تلك المنطقة؛ لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان.

بل و تنبأ  لويس بأن الصراع الجديد للولايات المتحدة بعد سقوط الإتحاد السوفيتي سيكون بين الإسلام والولايات المتحدة، ويعد برنارد لويس الأساس الأيديولوجي للسياسات الأمريكية في العالم العربي والإسلامي.

وقد رشح العراق كبداية لتنفيذ مشروع تقسيم الشرق الأوسط ..  وقد تم اعتبار ثورات الربيع العربي عام 2011 والتي تطورت لحروب أهلية دامية بأنها بداية الفوضي الخلافة في باقي الدول العربية التي وعدت بها كونداليزا رايس، والتي ستؤدي في نهاية المطاف للديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وتزيل الحكومات العربية الإستبدادية حسب زعمها.

  • مؤامرة الربيع العربي المزعوم تجتاح سوريا

بدأت موجة من الاضطرابات في في سوريا يوم 26 يناير 2011، وتطورت لتصبح انتفاضة شعبية صدق فيها المتظاهرون أنها قامت لتحقيق مطالبهم حتى وسلت إلى المطالبة باستقالة الرئيس بشار الأسد، والإطاحة بحكومته.  وفي محاولة منها للسيطرة على الأوضاع نشرت الحكومة السورية الجيش السوري لقمع الانتفاضة، وحُوصرت العديد من المدن، غير أن الانتفاضة استمرت رغم ذلك. طبقًا لبعض الشهود، قام الجيش السوري بإعدام الجنود الذين رفضوا إطلاق النار على المدنيين. لكن نفت الحكومة السورية حدوث انشقاقات، وألقت اللوم على الجماعات المسلحة كسبب لتلك الفوضى الحاصلة. منذ أوائل خريف 2011، بدأ المدنيون والمنشقون من الجيش بتشكيل وحدات قتالية، و بدأت حملة تمرد ضد الجيش السوري. توحد المتمردون تحت راية الجيش السوري الحر وقاتلوا بطريقة منظمة بشكل متزايد؛ لكن رغم ذلك، افتقر العنصر المدني للمعارضة المسلحة إلى قيادة منظمة .

وكانت المعارضة قد بدأت القتال في أعقاب القمع الذي تعرضت له المظاهرات السلمية عام 2011 وضمت في البداية مسلحين منشقين ومدنيين قتل عدد كبير منهم في المعارك.وتتألف المعارضة المسلحة من جماعات مسلحين إسلاميين متشددة. بالاضافة إلى  الأكراد الذين سيطروا على مناطق واسعة بعد انسحاب القوات الحكومية من مناطق عدة عقب بدء الحرب. ويقول الأكراد إن هدفهم من القتال هو الحكم الذاتي والقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية.

  • أطراف الصراع داخل سوريا

تعددت أطراف الصراع والحرب بالوكالة في سوريا 

أولاً : الرئيس السوري بشار الأسد والذي ويحظى بدعم من روسيا وإيران وموالين له مثل جماعة حزب الله اللبناني. وهو بالنسبة لـ روسيا الحليف المقرب في الشرق الأوسط وإذا سقط ستفقد روسيا موطئ قدم لها في المنطقة كما ستفقد طرطوس المنفذ الوحيد لها على البحرالمتوسط.وهو حليف قديم لإيران التي تريد مواجهة نفوذ غريمتها السعودية إضافة إلى توسيع نفوذها في المنطقة.

ثانيا: فصائل المعارضة وقد وفرت الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج بعض الدعم لفصائل مسلحة مختلفة، ومن أكبر تلك الفصائل (جيش الإسلام )و(أحرار الشام).خيث قطعت السعودية هلاقتها مع سوريا بسبب النفوذ الإيراتي في 2012  وقدمت المملكة العربية السعودية الدعم لقوات سوريا الديمقراطية، واجتمعت في مايو 2018 مع مسؤولي قوات سوريا الديمقراطية من أجل توسيع الروابط العسكرية  ولم تعد العلاقات إلا في أكتوبر 2023.

ثالثا:الأكراد في شمال سوريا ويسيطرون على مناطق واسعة وهم متحالفون مع الولايات المتحدة حيث دعمت بعض فصائل المعارضة وخاصة (قوات سوريا الديمقراطية) التي سلحتها ودربتها وتتألف تلك القوات من (مسلحين أكراد ) وأبرز فصائلها وحدات حماية الشعب الكردية وهي الأن تسيطر على حقلين بترول من أكبر حقول سريا .

رابعاً: تركيا التي تقاتل القوات الكردية ودورها الرئيسي كان توفير ملاذ آمن لملايين النازحين من الصراع وهي تدعم فصيلا مسلحا يعرف بـ (الجيش السوري الحر). وتخشى تركيا من أن يؤدي الحكم الذاتي للأكراد في شمال سوريا إلى تعزيز النزعة الانفصالية لأكراد تركيا لذلك شنت حربا ضد وحدات الشعب الكردية التي تصفها بـ”الإرهابية” وبالتالي باتت تركيا وهي عضو في حلف الأطلسي تعمل عن كثب مع روسيا

خامساً: إسرائيل التي تشن غارات على جنوب سوريا لمنع وصول أسلحة نوعية ومتطورة لحزب الله، لذا يشن سلاح الجو الإسرائيلي غارات بين الحين والآخر ضد مواقع في سوريا تقول إسرائيل إنها لعناصر حزب الله.

سادسًا:تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر لبرهة من الوقت على مساحات واسعة في العراق وسوريا قبل أن يتعرض لضربات موجعة وهزائم متتالية حدت من قدراته.

  • حجم الخسائر من الحرب الأهلية

قدرت سلطات الأمم المتحدة أن الحرب في سوريا تسببت في تدمير ما يقرب من 400 مليار دولار علاوة على وتهجير 10 مليون سوري .

وقف الحرب الأهلية :

خلال الحرب، كان هناك العديد من مبادرات السلام الدولية، التي اتخذتها جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وجهات فاعلة أخرى . انتهت جولة جديدة من المحادثات بين الحكومة السورية وبعض مجموعات المعارضين السوريين في 24 يناير 2017 في أستانا، كازاخستان، بدعم من الدول الضامنة الثلاث (روسيا وإيران وتركيا) لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أواخر ديسمبر 2016.في 4 مايو 2017، في الجولة الرابعة من محادثات أستانا ، وقع ممثلو روسيا وإيران وتركيا مذكرة تنص على إنشاء أربع «مناطق لوقف التصعيد» في سوريا، اعتبارًا من 6 مايو 2017.

إدلب:

تتعرّض إدلب شمال غرب سورية منذ 3 أشهر لقصف عنيف وشِبه مستمر بمختلف أنواع الأسلحةحيث قامت قوات النظام باستهداف مدينة إدلب بقذائف في 6 و7 / يناير 2024. 

طال القصف مواقع عديدة لمنشآت مدنية وعسكرية واقتصادية، وكان مركَّزاً على أرياف حلب الغربي وإدلب الشرقي، وشاركت فيه الطائرات الحربية الروسية، فضلاً عن وحدات المدفعية لقوات النظام التي يُشرف على معظمها قادة من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني. بالمقابل قامت القوات التركية إثر القصف المستمرّ بالردّ على بعض مصادر النيران فيما تعرّضت إحدى قواعدها غرب حلب للاستهداف. 

بدأ التصعيد أصلا بعد الهجوم الذي تعرّضت له الكلية الحربية في حمص مطلع أكتوبر 2023؛ حيث وجَّه النظام الاتهام للمعارضة بالوقوف خلفه، وقام بتنفيذ حملات متتالية – ما تزال مستمرة- من القصف العنيف. لكن نظام وقف إطلاق النار كان يتآكل قبل التصعيد؛ حيث يشن أطراف النزاع بشكل متبادل ومتكرر منذ منتصف عام 2023 هجمات برية على خطوط التماسّ وخلفها وأخرى جوية عبر الطائرات المسيرة في العمق. 

تدعم روسيا وإيران تصعيد النظام في إدلب، يبدو ذلك بغرض الضغط على تركيا؛ بسبب زيادة تنسيقها مع الولايات المتحدة شرق الفرات، ولدفعها نحو استئناف مسار التطبيع على المستوى الدبلوماسي والذي توقف بعد عقد القمة الرباعية في مايو 2023. بالمقابل إن استهداف القوات التركية مواقع النظام يبعث برسالة إلى جُهُوزِيّة أنقرة واستعدادها لردع النظام والميليشيات الإيرانية وثنيهم عن ممارسة الضغوط العسكرية عليها من أجل تقديم تنازلات.

سوريا وحرب الإبادة في غزة :

أعلن الحكومة السورية تأيدها للمقاومة الفلسطينية في غزة  ولكنها ظلت بمنئ عن الاشتباك مع إسرائيل بالرغم من ذلك تعرضت مناطق بسوريا لغارات إسرائيلية على مناطق لحزب الله .  

زر الذهاب إلى الأعلى