إبداعات عربيةعاجل

تحول شاعر الربابة إلي نجم أستوديو تسبب في وضع حاجزا بينه وبين جمهوره  .

 

 تقرير :- خالد أبو الروس

علي الربابة كانت الحكايات والقصص تروي في ربوع مصر ، وعلي صوت عازفها   يتنقل  ليروي  السيرة الهلالية ، إلي قصة عنتر بن شداد  ، وإلي الزير سالم ، مع حضور جمهوره في القري والنجوع ، حافظ شاعر الربابة علي تراث الشعب المصري ، و مع التطور الذي حدث تحول شاعر الربابة إلي نجم أستوديو  وضع حاجزا بينه وبين جمهوره  .

 يؤكد  طالب علي الجندي مؤسس فرقة الإسكندرية للفنون الشعبية علي  ضرورة أن يتصدر فن الربابة أولويات المركز الثقافي القومي بالقاهرة  والذي دأب علي عمل  حفلات للموسيقي العربية فمن المفترض أن يكون فن الربابة وشاعرها في أولويات هذا المركز ، خصوصا وأن هذا الفن الشعبي هو فن الشعب المصري ، لأسباب عديه منها عند تصدير فن البلد يكون الفن الشعبي هو أرفع الفنون ، لأنه هو رؤيتها ولكن نحن في عصر عولمة الفنون والثقافة ، ويظهر ذلك في عمل فرقة الرقص الحديث وغيرها من الفنون الحديثة لكن لا يضعوا مشروعا لعمل فرقة للفنون الشعبية أو مهرجان لشاعر الربابة .

وكشف علي الجندي إلي أننا نفتقد إلي مشروع دال علي ثقافة الشعب المصري ، وهذا الأمر أثر بالسلب علي التوراث الموروث للشعب المصري ، فهناك عشوائية في الفرق وشعراء الربابة التي تسافر لتمثيل مصر في الخارج ، عن طريق ملء الفراغ فقط ، دون النظر إلي إذا كانا هؤلاء درسوا التوراث ، وهذا الأمر يعتبر لعب في الهوية المصرية للقضاء عليها ، وتفريغ الفنون الشعبية بصفة عامة وفن الربابة بصفة خاصة من المضمون التوراثي أمام الأجيال .

وأكد الجندي أن شاعر الربابة شكل في وجدان المجتمع المصري ، فهناك من أثر في المجتمع بالايجابي من هؤلاء الشعراء ومنهم سيد الضوي جابر أبو حسين و خضرة محمد خضر ، والسبب في ذلك أن الدولة كان مشروعها الفن الشعبي الذي كان من ضمن أهم تواصل اجتماعي في القرية والحضر ، والذي غابت في السنوات الماضية ، وتوجهنا إلي التواصل الاجتماعي عبر شبكة الانترنت التي أثرت بالسلبي غلي الأسرة ، وضاعف من تنامي التيارات المتشددة والإرهابية .

يقول خالد إسماعيل الروائي والمهتم بالتوارث المصري   ، أن شاعر الربابة  ، كتب عنه  علماء الحملة الفرنسية ،ورصدوا الظاهرة و  سجلوا  فى موسوعة وصف مصر صور”الرواية الشفاهية للملاحم المغناة على الربابة ،أما “المنشدون ” وهم الذين يسمون فى مصر ب”المحدثين ” فهم رواة ملاحم حقيقيون يقصون الأشعار التاريخية أو الروائية أو الخيالية المروية عن شعراء العرب ،وبعض هؤلاء يقص هذه الأشعار التاريخية وهو يقرأ ،وهناك من يحفظونها وهم يختارون لموضوعهم سيرة “عنترة ” البطل العربي الذي كان يأتي بالأعمال البطولية ،أو “بيبرس ” ملك مصر.  “

ويؤرخ إسماعيل للموضوع خرج علماء الحملة الفرنسية من مصر،وبقى “الشاعر” ومعه “الربابة ” حتى جاء باحث انجليزي هو “إدوارد وليم  لين ” جوالة منتصف القرن التاسع عشر ليسجل نفس الظاهرة ، ويكتب عن “الربابة ” فى كتابه المشهور”المصريون المحدثون عاداتهم وشمائلهم ” الذي نقله إلى العربية “عدلي  طاهر نور” فى العام 1950  ، ، لكن  شاعر الربابة “سيد الضوى ” قال فى مقابلة أجرتها معه مجلة “أمكنة ” المصرية منذ 14عاما عن “الربابة “:” ـ الرباب  هو اسمه “منزار” ، يعنى زايراه البركة مع مديح النبي ، وهو منذ مدة “الهلايل ” من العصر  الفاطمي ، و كان أبوزيد يمسك الربابة ،وعنترة يمسك الربابة ،  مضيفا وكان  مواسم “الدميرة “ـأو  فيضان النيل ـ هو موسم  عمل هؤلاء الشعراء فى قرى الصعيد حتى عام 1963 لأن في العام 1964جرى تحويل مجرى النيل وتوقف الفيضان وبقى الشعراء يغنون فى ” المناضر” والبيوت ، ولكن بعد تحويل مجرى النهر اختفت الصورة التقليدية للشاعر الربابة حتى ظهرت جماعات تتاجر بالتراث الشعبي في ظل العولمة الأمريكية فجعلوا الشعراء يتغنون فى استوديوهات القنوات لجذب الجمهور والمعلنين

ومن جانبه يؤكد الدكتور يسري العذب أستاذ الأدب الشعبي بجامعة بنها أن الشعراء الشعبيون الذين كانت الربابة هي ألآلة الرئيسية يودون من خلالها مهمتهم الفنية ، تحول مع الزمن إلي مهن أخري وتركوا الجماعة الشعبية دون فن يعطيها ما تريد ، وظهرت فنون جديدة لعرض الفن الشعبي ومنها فرق للفنون الشعبية مثل فرقة رضا  ، الفرقة القومية للفنون الشعبية والتي تبنتها الدولة ، وممكن القول أن الربابة وما تحمله من رمزية تعولبة ، ثم دخلت علبة تتبنها الدولة للأسف ، فإذا كانت الجماعة الشعبية في حاجة إلي التوراث الشعب فلتتجه إلي هذا النوع من الفن .

ويري العذب  أن  الألوان القصصية التي كانت تروي والتي يؤدوها الشعراء الشعبيون مازالت موجودة في الموالد الشعبية في قري مصر ، لكن تحولت من قصص التراث مثل السيرة الهلالية و عنترة بن شداد وغيرها من القصص الموجودة في التراث الشعبي ، إلي قصص جديدة مواكبة للعصر ويقدمها هؤلاء الشعراء .

وكشف العذب إلي أن تحول شاعر الربابة إلي نجم أستوديو وضع حاجز بينه وبين الجمهور وعلاقة الجمهور بشاعر الربابة أصبحت مفصولة ومن هنا لا يستطيع التفاعل مع جمهوره فظل غول ظهر يسمي  الانترنت  ومواقع التواصل الاجتماعي والتي سحبت جمهورا كبيرا من رصيد الفنون بصفة عامة وفن الربابة بصفة خاصة .

أما مسعود شومان باحث في التوراث الشعبي يؤكد علي أن شاعر الربابة طالما لحقت به كلمة شاعر فهو مبدعا أصيل ، وهو مبدع مثل المبدعين الأفراد لكنه يعبر عن الفن  المجتمع  والتي وثقة به بوصفة مبدعا ، فهو لديه قدرة علي  الإبداع  والإضافة  ، وأيضا لديه قدرة علي الالتصاق مع مضمون قيم المجتمع  ، أما من حققوا شهرة داخل الاستوديوهات فهناك  أسباب  أخري وليس لها علاقة بهذا النوع من الفن ، فربما تكون الربابة هي أحد الأسباب في الشهرة ، بالإضافة إلي مؤسسات تدعم هؤلاء ، فضلا عن الإعلام وقدرة هذا الشخص للترويج لذاته ، أو وجود بعض الشركات .

وأكد شومان أن فنون الربابة متعددة ، منها الموال ،  ومنها السيرة ومنها المربع ومنها الواو ، وهناك جيل جديد أتوقع أن يكون لهم مكانه مثل سيد الضوي وجابر أبو حسين الفترة القادمة ، حيث أن هذا النوع من الفن غالبا ما يحقق الشاعر النجاح في محيط أقامته في القري والنجوع ، .. و فيما مضي لم يكن الرباب فقط هو من  يروي السيرة وجود ”  الكمان ”  والمثل علي ذلك الفنان حواس الكبير وهو كان يروي السيرة علي ” الكمان ” وكان نجما  في البرامج الإذاعية والتلفزيونية ، ومنهم عبد الغفار رمضان  ،  أيضا هناك نوع أخر من الفن الشعبي مثل محمد طه ويوسف شتا ، وربما هناك ألآلات مثل المزمار وغيره لعب دورا في نقل التراث ، ولكن ما زال  في وجدان الشعب المصري والعربي شاعر الربابة وطريقة أداءه في الأصالة المستمدة من التاريخ الجماعة الشعبية .

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى