عاجلنحن والغرب

بعدد فشل جولة بلينكن .. إسرائيل تفقد الدعم الأمريكي

 

 ألفت مدكور

انتهت جولة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن الأخيرة بالشرق الأوسط إلى فشل فى إقناع تل أبيب بقبول وقف إطلاق النار ومسودة باريس، ومعها عادت مسألة الخلافات بين تل أبيب وواشنطن، ففى غزّة خصوصاً يظل الموقف معقد لبايدن في معركة تجديد ولايته الرئاسية، فهل تخسر إسرائيل دعم الولايات المتحدة الأمريكية؟.

رغم التراجع الواضح فى الموقف الأمريكى من دعم إسرائيل فى حربها على غزة فيما تزعمه إسرائيل للقضاء على حركة حماس على المستوى الرسمى ،لكن هناك دعم متواصل لها يعكسه تصريحات الرئيس الأمريكى جو بايدن فى العديد من المناسبات، فخلال حديثه فى حفل استقبال في البيت الأبيض بمناسبة عيد الأنوار اليهودية (حانوكا ) الأسبوع الماضى قال بايدن: “سنواصل تقديم المساعدة العسكرية لإسرائيل حتى تتخلص من حماس، لكن علينا أن نكون حذرين و عليهم أن يكونوا حذرين. الرأي العام في العالم كله يمكن أن يتغير بين عشية وضحاها، لا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك”.

فى الداخل الأمريكى يقابل هذا الدعم السياسى معارضة داخلية على المستوى النيابى فقد رفض مجلس النواب تمرير مشروع من شأنه زيادة الدعم المادى العسكرى المخصص لإسرائيل مما يضع الرئيس بايدن فى موقف محرج بين تعهداته باستمرار الدعم ورفض المعارضة الداخلية له. مشروع القانون فقد أنهى مجلس الشيوخ الأمريكى نقاشاته حول مشروع قانون يسمح للإدارة الأمريكية منح 14 مليار دولار مساعدات عسكرية لإسرائيل، ضمن حصيلة مساعدات أجنبية قيمتها 95 مليار دولار، يذهب الجزء الأكبر منها لمساندة أوكرانيا عسكريًا، بالإضافة إلى 10 مليارات دولار مساعدات إنسانية للبلدين، بالإضافة إلى غزة استعدادا لتمريره للكونجرس والرئيس لإقراره. ويعزز مشروع القانون من تعزيز المساعدات،و قوة الولايات المتحدة الأمريكية عالميًا، عن طريق دعم حلفائها، تحديدًا أوكرانيا وإسرائيل، في حربهما ضد روسيا وحماس،لكن لا يزال مشروع القانون رفض من قبل مجلس النواب.

واجه مشروع القانون عدة عراقيل لعدة أسباب منها الاعتراض على استمرار إمداد أوكرانيا عسكريًا، وارتباطه بتعديل في قانون الهجرة يشدد من إجراءات الهجرة بالولايات المتحدة، وذلك بطلب من الجمهوريين و نشر البيت الأبيض مذكرة من ووضع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مجموعة من الاشتراطات على الدول المستفيدة من المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة، نشرها البيض الأبيض فى مذكرة له تنص على عدة تعهدات مكتوبة من ممثلي هذه الدول بأن العون العسكري يستخدم وفقًا للقانون الدولي الإنساني، وأن هذه الدول لا تمنع وصول المساعدات الإنسانية الأمريكية في حالات النزاع العسكري. يذكر أن رئيس مجلس النواب الأمريكى، مايك جونسون، قد أصر على النظر في تمويل إسرائيل بشكل منفصل وعدم دمجه مع مساعدات أوكرانيا وتمويل الهجرة، نظرًا للدعم الكبير في صفوف الحزبين الجمهوري والديمقراطي لإسرائيل، مقارنة بأوكرانية والهجرة، وهو ما قابله بايدن بالتهديد باستخدام حق نقض مشروع القانون، بسبب سعيه لإقرار تشريع أشمل لتقديم الدعم وتخصيص أموال جديدة لأمن الحدود.

وقد رفض بعض أعضاء الكونغرس مشروع القانون، منهم العضو المستقل، بيرني ساندرز، الذي تقدم بمشروع قرار في مجلس الشيوخ، يناير/ كانون الثانى الماضي، للتحقيق في ارتكاب جيش الاحتلال انتهاكات في حق الفلسطينيين باستخدام معدات عسكرية أمريكية، وذلك للحد من المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل، لكن مشروع القرار لم يحصد إلا أصوات 11 عضوًا، ما ادى الى رفض القانون من مجلس النواب. وتلقى المساعدات العسكرية لإسرائيل الغير مشروط معارض كبير داخل المجتمع الأمريكى خاصة فى الفترة الأخيرة، فى العلن يرغب الرئيس الأميركي جو بايدن بالخروج بشيء إيجابي من جولة المفاوضات بين تل أبيب وحماس، وتقديم صورة مختلفة عن الموقف الأميركي من العدوان على قطاع غزة، فرغم كل الدعم الذي كان، ولا يزال، منذ بداية العدوان، سواء بالسلاح أو استخدام الفيتو أكثر من مرّة في مجلس الأمن والدفاع عن “حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، إلا أن نتنياهو غير مستعدٍّ لتقديم ورقة قد تساعد بايدن في حملته الانتخابية ، وهو ما ظهر فى صورة خلاف واضح بين الإدارة الأميركية و الإسرائيلية إلى العلن، وهذه المرة ظهر فيها تباين بين واشنطن وتل أبيب في كيفية إدارة الحرب.

لكن على ماذا يراهن به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فى كسب دعم الولايات المتحدة اكبر حليف لإسرائيل خصوصا أن الوضع الحالى فى أمريكا بعضه مرتبط بالحملة الرئاسية الأميركية نفسها، فإضافة إلى مخاوف رئيس الوزراء الإسرائيلي من انهيار ائتلافه الحكومي في حال أبدى إيجابية في التعاطي مع مطالب ضغوط واشنطن ، يبدو أن نتنياهو يعوّل على عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وزيادة الدعم لإسرائيل في “حربها على غزة ، كما فعل خلال ولايته الأولى، التي نقل فيها السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، وأطلق ما سمّيت “صفقة القرن” التي فتحت باب التطبيع بين إسرائيل وعدة دول عربية. لكن الرهان سيكون خاسراً على توقعاته من ردّة فعل ترامب تجاه إسرائيل عموماً، ونتنياهو تحديداً، في حال واظب على الممارسات نفسها التي تفقد الولايات المتحدة رياديتها السياسية. فقد سبق لترامب أن وجّه انتقادات حادّة إلى نتنياهو في أكثر من مناسبة، كان آخرها في الأيام الأولى للعدوان على غزّة، عندما اعتبر أن نتنياهو “مخيّب للآمال”، وكان وصفه سابقاً بعديم الوفاء، إضافة إلى رفض الكونغرس زيادة الدعم لإسرائيل بسبب الضغوط الاقتصادية التى تتعرض لها الولايات المتحدة بسبب الإنفاق العسكرى فى أكثر من جبهة خاصة أوكرانية.

زر الذهاب إلى الأعلى