مقالات

خالد محمد علي يكتب:غرور نتنياهو وتحديات انتصار المقاومة

تثير شخصية رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، تساؤلات واسعة في أذهان المهتمين والجمهور العربي حول مصدر الغرور الذي يتحلى به، وكيف يمكن لشخصية مثله أن تتجاهل بلا مبالاة مطالب العدالة والإنسانية فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني، وتتجاهل جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بحقهم.
في زمن تصاعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتصاعد العنف والانتهاكات، يظهر نتنياهو كشخصية مثيرة للجدل، حيث يسعى جاهدًا إلى تحقيق أهداف إسرائيل السياسية والإستراتيجية، بما في ذلك تهويد القدس وإلغاء قضية الفلسطينيين من الساحة الدولية. يبدو أنه يعتقد بقوة أن هيمنة إسرائيل وتحقيق أهدافها تعتبر أولويات لا تقبل المساومة أو التفاوض.
تتساءل العقول المخلصة في الأمة العربية عن مصدر هذا الغرور الذي يتجلى في تصرفات نتنياهو، وكيف يمكن لشخص يتحدى القانون الدولي وحقوق الإنسان بمثل هذه الثقة بالنفس والغطرسة أن يحظى بدعم دولي واسع النطاق.
تفسيرات متعددة تطرح لفهم سبب هذا السلوك، بما في ذلك الدعم الأمريكي القوي، وترسيخ القوة العسكرية الإسرائيلية، وعدم التزام الدول العربية بمواجهة القضية الفلسطينية بكل جدية.

أسباب السلوك الإسرائيلي المتوحش

إن فهم أسباب ودوافع هذا السلوك المتسلط يساهم في رسم صورة أكثر وضوحًا للتحديات التي تواجه العالم العربي والإسلامي في مواجهة التطرف والتهديد الإسرائيلي المستمر.
خطة نتنياهو
وفي إطار تحديه لكل التحركات الدولية الساعية لإيجاد مخرج للصراع العربي الإسرائيلي، والذي لا يمكن فيه أن يتم تجاوز إقامة دولة فلسطينية مستقلة، كشف نتنياهو الأسبوع الماضي عن خطته، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1. الاحتفاظ بحرية العمل الإسرائيلية في غزة دون حد زمني.
2. إنشاء منطقة أمنية على حدود القطاع تجاور المستوطنات الإسرائيلية.
3. السيطرة على حدود القطاع مع مصر وإغلاقها.
4. إغلاق وكالة الأونروا وتبديلها بوكالات إغاثة دولية أخرى.
5. السيطرة الكاملة على المؤسسات الدينية والتعليمية والرعاية الاجتماعية في غزة، وتغيير مناهج التعليم بمشاركة دول عربية.
6. القضاء على حماس والسيطرة على المؤسسات التعليمية والدينية والاجتماعية قبل البدء في عملية إعادة الإعمار.
7. تنفيذ عملية الإعمار من خلال شركات مختارة من قبل إسرائيل.
8. إدارة قطاع غزة بواسطة عناصر محلية ليست لها صلة بحماس أو السلطة الفلسطينية، واستبدال الإدارة المدنية والأمنية القائمة.

تبدو خطة نتنياهو محاولة للسيطرة الكاملة على غزة ومحور فيلادلفيا مع مصر، واستبعاد أي وجود فلسطيني في الإدارة، والسيطرة على عملية الإعمار، مما يعيد الأمور إلى وضع ما قبل فك الارتباط الأحادي الجانب في عام 2005.
يبدو أن الحل الوحيد لمواجهة هذا الغرور هو الإعلان العربي الموحد عن عدم الاعتراف بهذه الخطة وبمن يقف وراءها كمجرمي حرب.
يسعى نتنياهو إلى تحقيق أهداف إسرائيل التي تتمثل في تهويد القدس وإلغاء قضية الفلسطينيين من الساحة الدولية، ويسعى للتأكيد على هيمنة إسرائيل ومحو هوية الشعب الفلسطيني.

أسباب غرور نتنياهو

ويتساءل المهتمون والعرب عن مصدر كل هذا الغرور الذي يتمتع به مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، والذي يتجاهل تمامًا أي مطالب بوقف العدوان على شعبنا الفلسطيني في غزة، أو قبول الهدنة، أو التفاوض على صفقة لتبادل الأسرى، أو حتى إدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين الذين تضرروا من جراء جرائم جيشه الوحشي.
هذا التساؤل قد يؤلم القلوب والعقول الباقية من المخلصين في هذه الأمة، ولكن الواقع يكشف أن نتنياهو يعتمد على عدة أسباب في موقفه، وهي:
1. الاعتماد على الدعم الأمريكي في كل المجالات، سواء بالسلاح أو الدبلوماسية أو السياسة أو الإعلام، مع الثقة في عدم توقفه أو تأثره بالكامل حتى في حالة انقطاع التواصل مع الرئيس الأمريكي.
2. عدم توقع تحرك دول العالم العربية والإسلامية بمساعدة الشعب الفلسطيني في غزة، نظرًا للتقاعس عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع العدو وعدم المساس بمصالح الدول الداعمة.
3. الثقة في عدم قدرة الدول العالمية على إلحاق الضرر به ما دامت الولايات المتحدة تقف إلى جانبه.
4. استغلال عدم جدية المنظمات الدولية في إدانة الجرائم الإسرائيلية، مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرها.
5. تجاهل المعارضة الداخلية في إسرائيل، لأنه يعتقد أن الشركاء في الحكومة يشتركون معه في الاعتقاد بتفوقهم على العرب.
6. الاعتقاد بأن هجماته المتواصلة على الفلسطينيين في غزة ستؤدي إلى إضعاف حركة حماس وتسهيل تحقيق النصر عليها.
7. تجاهل تفاعل العالم مع معاناة الفلسطينيين وتحولها إلى مجرد مواد ترفيهية بدلاً من صرخات توعية تثير الضمائر.
8. استغلال تفكك مفهوم وحدة العرب وغياب الدعم العربي للفلسطينيين.
9. الاعتماد على التكنولوجيا والقوة العسكرية بدلاً من الشجاعة والقوة البشرية في مواجهة المقاومة الفلسطينية.
10. استمرار فرض الحصار على غزة دون مقاومة دولية، مما يعزز فرصه في النجاح.

في الختام، يظهر من خلال تحليل سلوك وسياسات بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، وخطته الجديدة لما بعد العدوان على قطاع غزة، أنه يعتمد على مزيج معقد من العوامل لتحقيق أهدافه السياسية والاستراتيجية. الغرور الذي يتجلى في سلوكه يعكس قناعته بأن إسرائيل فوق القانون وفوق الانتقاد، وهذا يشكل تحديًا كبيرًا لجهود التسوية والسلام في المنطقة.
على الرغم من ذلك، يجب على العالم العربي والدول الداعمة للقضية الفلسطينية أن يواصلوا الضغط الدبلوماسي والسياسي لوقف الانتهاكات الإسرائيلية وتحقيق العدالة والسلام. يجب أن يكون هناك رفض واضح وقوي لخطة نتنياهو الاستعمارية، وضغط دولي لتحقيق حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك إقامة دولتهم المستقلة بحدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
في نهاية المطاف، إن تحديات انتصار المقاومة وتحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية للشعب الفلسطيني تتطلب تضافر الجهود الدولية والإقليمية، والتمسك بقيم الحق والكرامة الإنسانية.

 

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى