العرب وافريقياعاجل

أمازيغ مالي وحلم الدولة

 

تقرير: إيهاب أحمد 

أمازيغ مالي هم الأزواد يتكون المجتمع الأزوادي في مالي من أعراق متعددة، حيث يجمع بين الطوارق والعرب والفولان والسونجاي، ويمثل الطوارق نسبة 35% من الأزواديين، فيما يمثل العرب 25%، ويبلغ عدد سكان دولة مالي نحو 22 مليونا وتبلغ مساحة أقاليم أزواد (كيدال-نمبكتو-جاو) 822 ألف كيلومتر مربع أي نسبة 66% من المساحة الإجمالية لدولة مالي البالغة مليونا و240 ألف كيلومتر مربع.

بعد حصول مالي على استقلالها عن فرنسا عام 1960 بقيت الأقاليم الشمالية، التي يقطنها الأزواد بمنأى عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فقام الأزواديين باحتجاجات في وجه الحكومة في باماكو وحملت السلاح عام 1963، مطالبين باندماج العرق الأمازيغي في الصحراء، الذي فرقه المستعمر الفرنسي بين مالي والنيجر وبوركينافاسو في دولة مستقلة عاصمتها كيدال.

لكن نظام الرئيس المالي الأسبق موديبو كيتا كان صارما تجاه الانفصاليين، إذ تصدى لهم بأشد أنواع القمع، حتى فرض سيطرته على الإقليم عام 1964 فقد كان موديبو كيتا يريد بناء دولة لا تحترم التعددية، فاصطدم بالطوارق الذين لا يعترفون بالسلطة المركزية، كما أن حكومته قامت بتهميش وإهمال مناطق الشمال البعيدة عن العاصمة.

الرئيس المالي الأسبق موديبو كيتا
الرئيس المالي الأسبق موديبو كيتا

الهجرات الأزوادية الجماعية

إثر موجة من القمع العنيف الذي قامت به قوات موديبو كيتا، التي صاحبتها موجة جفاف شديدة ضربت منطقة الساحل عام 1970  ومناطق أزواد في الشمال المالي، بدأت حركة  الهجرات الأزوادية الجماعية، التي كان أكثرها إلى ليبيا والجزائر، إذ كانوا يعتمدون في معيشتهم على الزراعة المطرية وتربية المواشي.

 تزامنت  هجرة الأزواد مع وصول معمر القذافي إلى سدة الحكم في ليبيا عام 1969، حيث قام بتجنيد الكثير منهم في مليشيات خاصة تتبع قواته، الذين شاركوا  في عدة مهام قتالية في تشاد والصحراء الغربية وعندما فُرض الحصار على ليبيا بسبب قضية لوكيربي عام 1988، بدأ  نفوذ القذافي في التراجع في  المنطقة وعاد الأزواد عام 1990 مرة أخرى لمالي.

بعد عودة الأزواد من ليبيا عام 1991 بدأت موجات جديدة من الصراع المسلح مطالبين بالاستقلال عن دولة مالي، وقد ألحقوا خسائر كبيرة بالجيش المالي، فبدأ الرئيس  موسى تراوري الحوار والاستماع لمطالب الثوار، وأبرم اتفاقا مع الانفصاليين في تمنراست بالجزائر في ديسمبر1991، تعهدت الحكومة بموجبه بتخصيص 47.3% من الميزانية التنموية لأقاليم أزواد، ودمج المقاتلين في الجيش والعمل على تنفيذ نظام لا مركزي يسمح بقدر من الإدارة الذاتية.

الرئيس  موسى تراوري
الرئيس موسى تراوري

كان ذلك مقابل تخلي الثوار عن السلاح والمواجهة العسكرية مع الحكومة المركزية في باماكو، وإنهاء الدعوات الانفصالية، إن كان هذا الاتفاق لم يدم طويلا فقد بدأت المواجهات مرة أخرى في العام نفسه، وقام الجيش المالي بتنفيذ كثير من المذابح في صفوف سكان الشمال، ما دفع الجزائر وموريتانيا إلى جمع الأطراف في الجزائر عام 1992حيث تم التوقيع على “المعاهدة الوطنية”.

المعاهدة الوطنية 

عاد القتال مرة أخرى عام 1994 بين الجانبين من جديد، ولكنهما رجعا لبنود اتفاقية “المعاهدة الوطنية” مرة أخرى،  في سنة 2006 قامت مجموعة من الطوارق تدعى تحالف “23 مايو الديمقراطي” بشن هجمات ضد القواعد العسكرية للجيش المالي في كيدال و”ميناك”، وبدأت المواجهات مع الحكومة حتى تم توقيع اتفاق سلام في كيدال عام 2009 برعاية ليبية.

ماذا بعد سقوط القذافي؟

بعد سقوط نظام القذافي عاد كثير من الطوارق الذين كانوا يقاتلون في جيشه لمناطقهم الأصلية في كيدال وتمبكتو، وشاركوا في تأسيس الحركة الوطنية لتحرير أزواد، حيث أعلنت الحركة في ابريل 2012 دولة مستقلة في شمال مالي وسيطرت بالكامل على مدن كيدال وتمبكتو وجاو، لكن دول الجوار لم تعترف للأزواديين بدولتهم الوليدة.

قامت القوات الفرنسية بالاشتراك مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ” إيكواس” عام 2013 بعملية عسكرية لإحباط قيام دولة أزواد وطرد الحركات المسلحة توصم بالإرهاب بعد أن ساعدت المسلحين الطوارق في السيطرة على شمال مالي.

تغيرت الأوضاع السياسية والأمنية عام 2021 بعد الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد أسيمي جويتا، وتشكلت خريطة سياسية جديدة في المنطقة،  إذ تم طرد القوات الفرنسية والأممية التي كانت تشرف على عملية السلام في المناطق الشمالية، وهي معاقل المتمردين الأزواديين والمسلحين الإسلاميين.

العقيد غويتا
العقيد غويتا

لكن  العلاقات توترت بين الحكومة المركزية وتنسيقية حركات أزواد 2022، التي أغلقت مكتبها في باماكو معتبرة أنها في حالة حرب مفتوحة وبالفعل وفي سبتمبر اندلعت المواجهة من جديد بين المجلس العسكري الانتقالي والحركات السياسية والعسكرية في كيدال.

و في نوفمبر 2023 وفي خطاب بثه التلفزيون المالي، قال العقيد غويتا إنه لا بد من السيطرة على جميع الأراضي المالية.

و في 14 نوفمبر 2023أ أسدل الستار على حلم الدولة  الأزودية، عندما أعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي بمالي  وبعد معارك طاحنة شاركت فيها قوات فاجنر الروسية بجانب الجيش المالي استعادة مدينة كيدال التي سيطر عليها الأزواديون منذ عام 2012.

 

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى