طرق بديلة للحل في ليبيا بعيدًا عن الألاعيب الدولية والإقليمية

تقرير: إيهاب أحمد
يرى المراقبون أن الخلافات لا تزال عميقة بين طرفي الأزمة حكومة الدبيبة في طرابلس وقوات حفتر في بنغازي، حول كيفية تنظيم اقتراع يشارك فيه الجميع ويفضي لتوحيد السلطة في البلاد، حيث شهدت ليبيا خلال الأيام القليلة الماضية تحركات إقليمية ودولية بهدف تحريك العملية السياسية المتوقفة إثر تأجيل الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة في أواخر 2021 و ذلك بعد توقف العملية العسكرية التي فام بها حفتر من أبريل 2019 إلى يونيو 2020، حيث فشلت في تحقيق هدفها المتمثل بالسيطرة على طرابلس، تعثرت العملية السياسية بعد انهيار الانتخابات وسط خلافات حول أهلية المرشحين الرئيسيين خصوصا من مزدوجي الجنسية والعسكريين.
تتضافر الجهود الدولية والإقليمبة في المعترك الليبي بعد 13 سنة من المعاناة من تفكك مؤسساتها سياسية وأمنية وعسكرية بعد الإطاحة بنظام القذافي 2011، لتشكيل حكومة موحدة تتولى تنظيم انتخابات تفضي لتشكيل سلطات مستقرة ومركزية في ليبيا، حيث إن الدولة الليبية لديها حكومتان، يرأس الدبيبة حكومة طرابلس والتي تسيطر على غرب البلاد والتي شكلت بعد حوار سياسي عام 2021 لكنها لم تحصل على ثقة مجلس النواب، وأخرى تسيطر على شرق البلاد من بنغازي ويرأسها أسامة حماد وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من حفتر.
لجنة فنية لحل الخلافات السياسية
تم تشكيل “لجنة فنية للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق والقبول وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية وذلك ما أفضت إليه الجهود الأخيرة لإنهاء الانسداد السياسي خاصة إعلان قيادات معترف بها دوليا، بعد لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية، في القاهرة والقادة هم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ومقرهما طرابلس، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب في بنغازي.
أكد المراقبون أن التقارير التي تحدثت عن اتفاق القادة الثلاثة ليست دقيقة حيث لم يكن الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية لكنه كان على تشكيل لجنة فنية للنظر في المشاكل الموجودة ما يؤكد أن تكالة لم يتخل عن الدبيبة وهو ما يضمن للدبيبة البقاء في السلطة على الأقل لعدة شهور.
بيان سفراء الاتحاد الأوروبي بقبول دعوة باتيلي
قد تنبؤ الجهود المبذولة دوليا وإقليميا عن حدوث إنفراجة قريبة في الأزمة، حيث دعا بيان سفراء الاتحاد الأوروبي وبعثة الاتحاد لدى ليبيا بمناسبة حلول شهر رمضان القادة الليبيين إلى قبول دعوة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي للاجتماع “بدون مزيد من التأخير ربما خلال شهر رمضان لمناقشة وحل جميع العقبات العالقة التي تمنع المواطن الليبي من إعادة الشرعية للمؤسسات من خلال الإستحقاقات الإنتخابية.

يرى أحد المحللين السياسين أن البيان يعد تغيرا في نبرة الأطراف الدولية بشأن الانتخابات عما كان عليه الحال في 2021: ”خطاب القوى الدولية بدا خفيفا جدا بشأن الانتخابات، حيث نه لم يعد يحمل شروطا من أي نوع ولكن أصبح المطلب تنظيم انتخابات بدون تحديد ظروفها أو شروطها ولا جدولها الزمني حتى أن عبد الله باتيلي التقى قادة الميليشيات لضمان الأمن في أي انتخابات مقبلة، و إن كان ذلك يعني شرعنة لهذه المليشيات التي ارتكبت مجازر.
الدور المصري لحل الأزمة الليبية
ويعتبر خبير آخر أن مصر هي الطرف الأكثر تأثيرا في الوقت الحالي في المشهد الليبي حيث يقول أن دعوة القاهرة لإجراء الانتخابات بدون تحديد ظروفها وشروطها، قد يمهد لإقامة نظام رئاسي متسلط على رأس البلاد.

اختارت الولايات المتحدة أن يكون موقفها غامضا بشأن التحركات المصرية وهو غموض مقصود من إدارة الرئيس جو بايدن ليجعل الأزمة الليبية منفتحة على كل الاحتمالات خاصة ما يتعلق بمصير الدبيبة
من الواضح أنه لم يحدث أي تغير في مواقف طرفي الأزمة في ليبيا، وهما حكومة دبيبة والسلطات الموالية لخليفة حفتر في اتجاه مرونة أكبر، حيث كان الدبيبة صرح أنه لن يسلم السلطة إلى حكومة تنبثق عن انتخابات وهو ما جدده مؤخرا في مباحثاته مع باتيلي.

أدلى حفتر بتصريح قال فيه أن المسار السياسي قد أُعطي من الفرص أكثر مما ينبغي بدون أن تظهر في الأفق أية ملامح لحلول توافقية تنتهي بتسوية سلمية عادلة وتدفع باتجاه تحقيق الاستقرار السياسي معتبرا أن مجال منح الفرص أصبح ضيقا.
وقد أجمع المراقبون أن لقاء القاهرة قد يكون لصالح حفتر أكثر من الدبيبة، حيث إن غياب الدبيبة عن اللقاء سيظهره طرفا مشاغبا في الأزمة الليبية أما حفتر فهو يرى نفسه فوق الأزمة الليبية وليس طرفا فيها.
الجدير بالذكر أن حفتر سيبلغ هذا العام 81 عاما وهو ما يضعف فرصه في لعب دور في مستقبل ليبيا، لكنه يعد نجليه صدام وخالد للعب دور رئيسي في البلاد وإن كان صدام هو الإفريقي المرحلة الحالية وربما كان الهدوء النسبي، الذي مرت به ليبيا في الأعوام الماضية هي نتيجة لعلاقة صدام الجيدة بإبراهيم الدبيبة وهو ابن أخ رئيس الحكومة وإن كانت هذه العلاقة فترة مؤخرا و هو ما يفسر التوتر الحاصل في الوقت الحاضر.
ماذا نتج عن قرار إيقاف صرف أموال المشاريع التنموية في ليبيا؟
يرى الخبراء والمراقبون أن قرار رئيس المصرف الليبي محمد صديق الكبير بإيقاف صرف أموال المشاريع التنموية منذ أكتوبر الماضي كان السبب الرئيسي في التحركات الدبلوماسية الأخيرة، إذ شكل قرار الكبير شكل ضربة موجعة للاستقرار المالي والاقتصادي في ليبيا.

لكنه أكد أن القرار كان بهدف عدم إنهاك احتياطات النقد الأجنبي للبلاد ووجه الكبير رسالة مفتوحة للدبيبة توضح عن خلاف شديد بينهما يدعوه فيها لضبط الإنفاق العام.
وفي ظل أزمة تضخم اقتصادية صاحبها انهيار لسعر صرف الدينار الليبي أمام الدولار وصل إلى 7.43 دينارا للدولار الواحد، حيث قرر عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي في شرق ليبيا خفض قيمة الدينار عبر فرض ضريبة تبلغ 27 بالمئة على مشتريات العملات الأجنبية، في خطوة قال إن العمل بها يستمر حتى نهاية العام فقط، إذ يشير قرار عقيلة صالح إلى تقارب مع صديق الكبير رئيس مصرف ليبيا المركزي، الذي دعا منذ أيام إلى رفع سعر صرف الدينار الليبي أمام الدولار وسرعان ما تجاوب عقيلة صالح مع هذا المطلب.
وهو ما يعكس وعي الكبير وعقلانيته حيث إنه لا يمكته خوض معركتين كبيرتين في آن واحد باعتبار خلافاته الأخيرة مع الدبيبة وعلى ما يبدو أنه اختار في الوقت الحاضر التقرب من معسكر عقيلة صالح- حفتر في الوقت الحاضر.
هناك غياب أفق واضح بشأن دستور جديد للبلاد تتمخض عنه انتخابات وسلطات جديدة موحدة، يعد ذلك من أهم ما تواجهه المحاولات الدولية والإقليمية لتحريك الجمود على الساحة الليبية من خلافات عميقة وحسابات معقدة للأطراف الداخلية ولكن هناك آمال كبيرة معقودة على حدوث ما يسمى بإنفراجة الوقت الضائع.
لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي
