الجولان .. مابين مطرقة إسرائيل وسندان الفصائل المتناحرة
57 عامًا على الاحتلال 43 عامًا على قرار الضم بلا طلقة رصاص واحدة من أجل تحرير الأرض

تقرير : إيهاب حسن عبد الجواد
الجولان المحتلة .. هي هضبة تقع في بلاد الشام بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال، تابعة إداريًا لمحافظة القنيطرة وهي جزء من سوريا وتتبع لها.
ثلثي مساحة الجولان محتلة من قبل الاحتلا الإسرائيلي ، وهي تعد من قبل الأمم المتحدة ، أرضًا سورية تطالب الحكومة السورية بتحريرها وإعادة السيادة السورية عليها.
- الأهمية الإستراتيجية للجولان
وتبلغ مساحة المنطقة التي ضمتها إسرائيل 1200 كم2 من مساحة سورية بحدود 1923 البالغة 185,449 ألف كم2 وهو ما يعادل 0,65% من مساحة سورية ولكنه يمثل 14% من مخزونها المائي ، كما أن الجولان هو مصدر ثلث مياه بحيرة طبريا التي تمثل مصدر المياه الأساسي لإسرائيل والأراضي الفلسطينية.يطمع الإسرائيليون بهضبة الجولان لأنهم يرون أهمية كبيرة في السيطرة عليها لما تتمتع به من موقع استراتيجي.
فبمجرد الوقوف على سفح الهضبة، يستطيع الناظر تغطية الشمال الشرقي من فلسطين المحتلة، إسرائيل اليوم، بالعين المجردة بفضل ارتفاعها النسبي. وكذلك الأمر بالنسبة لسورية، فالمرتفعات تكشف الأراضي السورية أيضاً حتى أطراف العاصمة دمشق. أقامت إسرائيل محطات إنذار عسكرية في المواقع الأكثر ارتفاعاً في شمالي الهضبة لمراقبة تحركات الجيش السوري.
- الجولان قبل الاحتلال
كانت هضبة الجولان ضمن حدود فلسطين الانتدابية عندما تم الاعتراف بالانتداب رسمياً في عام 1922، إلا أن بريطانيا تخلت عنها لفرنسا خلال الاتفاق الفرنسي البريطاني ن 7 مارس 1923، وأصبحت الهضبة تابعة لسوريا بعد إنهاء الانتداب الفرنسي عام 1944.
عند رسم الحدود الدولية في 1923 بقيت في منطقة الجولان داخل الحدود السورية، وهذا استنادًا إلى اتفاقية سايكس بيكو (بتعديلات قليلة) بين بريطانيا وفرنسا اللتين احتلتا بلاد الشام من الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.
- تقسيم بلاد الشام إلى سوريا ولبنان
بعد تأسيس سلطة الانتداب الفرنسي على بلاد الشام، قررت فرنسا تقسيم منطقة الانتداب إلى وحدتين سياسيتين – سوريا ولبنان – وحُدّدت الجبال الواقعة شمالي الجولان (جبل روس، جبل الشيخ وغيرهما) الحدود بين البلدين.ولكن الاحتلال الفرنسي لم يرسم الحدود بين سوريا ولبنان بدقّة لاعتبارها حدودا داخلية، مما أثار الخلافات والمشاكل بين البلدين عندما استقلت كل منهما عن فرنسا، حيث أصبحت الحدود الفرنسية حدوداً دولية.وما زالت هذه المشاكل قائمة في منطقة مزارع شبعا وقرية غجر وخاصة في أعقاب احتلال الجيش الإسرائيلي لهضبة الجولان.
- احتلال الجولان عام 1967
في 5 يونيو 1967 اندلعت حرب 1967 بين إسرائيل وكل من سوريا والأردن ومصر. وفي الأيام الأربعة الأولى من الحرب تم تبادل إطلاق النار بين الجيشين السوري والإسرائيلي دون هجومات برية ما عدا محاولة فاشلة، قامت بها قوة دبابات سورية، للدخول في كيبوتس دان. أما في 9 يونيو 1967، بعد نهاية المعارك في الجبهتين المصرية والأردنية، غزا الجيش الإسرائيلي الجولان واحتل 1260 كم2 من مساحة الهضبة بما في ذلك مدينة القنيطرة. نزح جميع سكان القنيطرة بيوتهم إثر الاحتلال ولجأ إلى داخل الأراضي السورية وكذلك نزح الكثير من سكان القرى الجولانية بيوتهم ومزراعهم، ولكن سكان القرى الدرزية شمالي شرقي الجولان بقوا تحت السيطرة الإسرائيلية. أما سكان قرية غجر العلويون فبقوا في منطقة متروكة بين الجيش الإسرائيلي ولبنان، وبعد عدة أسابيع لجؤوا إلى الحاكم العسكري الإسرائيلي ليعتني بهم عندما أخذوا يعانون من نقص التغذية.
- تحرير جزء من الجولان خلال حرب أكتوبر 1973
في أكتوبر 1973 اندلعت حرب أكتوبر وشهدت المنطقة معارك عنيفة بين الجيشين السوري والإسرائيلي. أثناء الحرب استرجع الجيش السوري مساحة قدرها 684 كم2 من أراضي الهضبة لمدة بضعة الأيام، ولكن الجيش الإسرائيلي أعاد احتلال هذه المساحة قبل نهاية الحرب.
في 1974 أعادت إسرائيل لسوريا مساحة 60 كم2 من الجولان تضم مدينة القنيطرة وجوارها وقرية الرفيد في إطار اتفاقية فك الاشتباك، وقد عاد إلى هذا الجزء بعض سكانه، باستثناء مدينة القنيطرة التي ما زالت مدمرة. في السنوات الأخيرة شهدت المنطقة المجاورة للقنيطرة نمواً سكانياً ونشاطاً عمرانياً واقتصادياً لافتاً، ولكن الدخول إلى بعض المناطق المجاورة لخط الهدنة لا يزال ممنوعا حسب تعليمات السلطات السورية إلا بتصريح خاص.
- قرار ضمن الجولان من جانب إسرائيل
في ديسمبر 1981 قرر الكنيست الإسرائيلي ضم الجزء المحتل من الجولان الواقع غربي خط الهدنة 1974 إلى إسرائيل بشكل أحادي الجانب فيما يسمى بـ «قانون الجولان وتشير الخارطة الملحقة بهذا القرار إلى المنطقة الواقعة بين الحدود الدولية من 1923 وخط الهدنة من 1974 كالمنطقة الخاضعة له. لكن لم يعترف المجتمع الدولي بالقرار ورفضه مجلس الأمن التابع لللأمم المتحدة في قرار برقم 497 من 17 ديسمبر 1981. وتشير وثائق الأمم المتحدة إلى منطقة الجولان باسم «الجولان السوري المحتل» كما تشير إليه بهذا الاسم وسائل الإعلام العربية وبعض المنظمات الدولية الأخرى.
من الناحية العملية أدى «قانون الجولان» إلى إلغاء الحكم العسكري في الجولان ونقل صلاحيته للسلطات المدنية العادية. لم يتغير الوضع القائم في المنطقة بشكل ملموس بعد 1981 إذ أقر «قانون الجولان» السياسة التي طبقتها إسرائيل منذ 1967.
- الوضع الحالي للجولان
ما زالت حدود عام 1923 هي الحدود الدولية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي، إلا أن كل من سوريا وإسرائيل تطالب بتغييرها، إذ تطالب سوريا بإعادة الحدود إلى حالتها في 4 يونيو 1967، معتبرة بعض الأراضي الواقعة بين الحدود الدولية ووادي نهر الأردن أراضٍ سورية، وكذلك تطالب بالجزء الشمالي الشرقي من بحيرة طبرية (قرار مجلس الأمن 242 و338). ولا تزال الأمم المتحدة تشير إلى هضبة الجولان باعتبارها «أرضاً سورية محتلة».أما إسرائيل فتطالب رسمياً بالاعتراف بضم الجولان إلى أراضيها، وهو أمر مُناف للقرارات الدولية

- وعود إسرائيل الكاذبة بالانسحاب من الجولان
أعلنت إسرائيل في بعض المناسبات استعدادها للانسحاب من الجولان في إطار اتفاقية سلمية مع ترتيبات أمنية خاصة. ففي 1993 قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين أن «عمق الانسحاب من الجولان سيعادل عمق السلام». في جلسة مجلس الوزراء الإسرائيلي في 8 سبتمبر 1994 لمّح (إسحاق رابين) إلى أن الانسحاب من الجولان سيتم في إطار اتفاقية سلمية تشابه معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر، أي انسحاب تدريجي مرافق بتطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل وترتيبات أمنية خاصة، ولكن المفاوضات الإسرائيلية السورية في ذلك الحين وصلت إلى طريق مسدود. أمّا إيهود باراك بته في مفاوضات برعاية أمريكية واقترح على وزير الخارجية السوري (فاروق الشرع) في مباحثات (شفردستاون) في يناير 2000 الانسحاب إلى الحدود الدولية (حدود 1923) مقابل ترتيبات أمنية خاصة وتطبيع العلاقات الإسرائيلية السورية. توقفت هذه المباحثات دون أن يشرح أي من الجانبين السبب لذلك بشكل رسمي، حسب تقارير في الصحافة الإسرائيلية رفضت سوريا اقتراح باراك لأنها تطالب الانسحاب الإسرائيلي من أراضٍ غربي حدود 1923 سيطر الجيش السوري عليها قبل يونيو 1967، وهي مطالبة تعتبرها إسرائيل غير شرعية.وفي 23 أبريل 2008 نشرت وكالة الأنباء السورية «شام برس» أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أبلغ الرئيس السوري بشار الأسد، عبر رئيس الوزراء التركي، أنه مستعد لانسحاب إسرائيلي من هضبة الجولان مقابل السلام. لم يردّ أولمرت على هذا النشر، أما الأسد فأكّد في مقابلة مع جريدة «الوطن» القطرية اليوم التالي أنه قد تلقى هذا الإبلاغ، وأن هناك اتصالات مستمرة مع إسرائيل بوساطة تركية.
- مدينة القنيطرة اتفاقية فض الاشتباك
قبل يونيو 1967 كانت القنيطرة المركز الإداري والتجاري لمنطقة الجولان. هُجِّر سكانها منها عند احتلالها من قبل إسرائيل.
في اتفاقية فض الاشتباك، التي وقع الجانبان عليها في 31 مايو 1974 بوساطة أمريكية، تقرّر انسحاب القوات الإسرائلية من عمق الأراضي السورية إلى مواقعها قبل أكتوبر 1973 باستثناء مدينة القنيطرة وبعض القرى المجاورة لها (رويحينة، وبئرعجم، والمدارية، وبريقة وكودنة) التي تقرر إعادتها لسورية مقابل التزام سوري بإبعاد قوات الجيش السوري وراء شريط يخضع لمراقبة قوات هيئة الأمم المتحدة.
عدد قرى الجولان قبل الاحتلال بلغ 164 قرية و146 مزرعة. أما عدد القرى التي وقعت تحت الاحتلال فبلغ 137 قرية و112 مزرعة إضافة إلى القنيطرة. وبلغ عدد القرى التي بقيت بسكانها 6 قرى: مجدل شمس ومسعدة وبقعاتا وعين قنية والغجر وسحيتا (رحّل سكان سحيتا في ما بعد إلى قرية مسعدة لتبقى 5 قرى).ودمّر الاحتلال الإسرائيلي 131 قرية و 112 مزرعة ومدينتين.
غالبية سكان هذا الجزء من الجولان حالياً هم من العرب والتركمان والشركس. في عام 2004 أعلنت الحكومة السورية عزمها إعادة إعمار قريتي العدنانية والعشة، بحيث يتم بناء 1,000 وحدة سكنية في قرية العدنانية، و800 وحدة سكنية في العشة، بهدف إعادة إعمارهما وعودة سكّانها الأصليين.
- سكان الجزء الخاضع حاليًا للسلطة الإسرائيلية
أغلبية من بقي في الجزء من الجولان الخاضع للسلطة الإسرائيلية هم من الدروز. بعد قرار ضم الجولان في 1981 رفض معظمهم حمل الهوية الإسرائيلية وأعلنوا إضراباً عاماً، وصدر تحريم من مشايخ الدروز يحرم الجنسية الإسرائيلية. اليوم تحمل الأغلبية الساحقة منهم مكانة «مقيم دائم» في إسرائيل، حيث يتمكنون من ممارسة أغلبية الحقوق الممنوحة للمواطنين الإسرائيليين ما عدا التصويت للكنيست وحمل جوازات سفر إسرائيلية. وحسب القانون الإسرائيلي يمكن للحكومة إلغاء مكانة «مقيم دائم» إذا غادر المقيم المناطق الخاضعة للسلطة الإسرائيلية المدنية لفترة طويلة.
- النازحون
نازح، وصف أطلقه السوريون على سكان الجولان المهجّرين قسراً تحت ضغط آلات الحرب والتدمير الاسرائلية في عام ويعيشون في دمشق وريفها ودرعا وضواحيهما.ما يثير حفيظة الجولانيين، تعريف سكان الجولان على أسس طائفية بدلاً من انتمائهم الوطني أو القومي، ومن أكثر هذه المصطلحات مدعاة للتساؤل هو (دروز الجولان، علويي الجولان…) الذي بات يُعطي انطباعاً، بأننا نتحدث عن قوميات مستقلة عن سوريا.
- محاولات لشرعنة احتلالها
في 25 مارس 2019 وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا رئاسيًا أمريكيًا بموجبه تعترف الولايات المتحدة الأمريكية بأن هضبة الجولان جزء من إسرائيل، وهو ما رُفِض من قِبَل الدول العربية كافة. إثر ذلك أصدر أمين عام الأمم المتحدة بيانًا أعلن فيه أن «قرار الرئيس الأمريكي لا يغيّر من الوضعية القانونية للجولان بصفتها أرض سورية واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي».

لماذا لا تحارب سوريا من أجل تحرير الجولان ؟
سؤال قديم جديد يدور بخلد كل مواطن سوري بل وعربي ، لماذا كلما لاحت في الأفق فكرة تحرير الأرض ، ظهرت عقبات داخلية ترتد بالفكرة عن إسرائيل وتتحول إلى أزمة داخلية ؟! خلال عهد الأسد الأب أو الأسد الأبن الذي يحدثنا دائماً عن أنصاف الرجال ، وبالرغم من مرور 57 عاما على إحتلال الجولان ، ومرور 43 عام على قرار ضم الجولان لم يتحرك الجيش السوري منذ حرب 1973 ليحرر الأرض ؟ تساؤولات قد تكشف عنها افترة القادمة أو تضع تكشف هذا الغموض .
