العرب وافريقياعاجل

دراسة : تشاد في محور الإهتمام الأمريكي وماسرا يلبي للأمريكان طموحاتهم

 

تحت عنوان متابعات سياسيةصدر عن القسم السياسي في مركز بابل للدراسات المستقبلي دراسة بدأ الإهتمام الأمريكي يتزايد بالقارة الأفريقية في عهد إدارة جورج بوش الإبن الى أن أصبح ملحوظاً بشكل حاد مؤخراً، بعدما كانت القارة ملعباً للنفوذ الأوروبي الإستعماري وعلى رأسه فرنسا التي إستغلت خيرات القارة وشعوبها لعقود طويلة.
وقالت الدراسة فكون القارة السمراء مصدر رئيسي للمواد الخام والموارد الطبيعية، إلى جانب كونها سوقاً استهلاكية هائلة، جعل الولايات المتحدة الأمريكية تحاول صنع النظام الأفريقي الجديد وفقاً للمواصفات الأمريكية، حيث ترتبط أمريكا بأفريقيا، وتتخلى هذه الأخيرة عن ارتباطاتها السابقة ومصلحتها الفعلية.

وإشارة الدراسة الي المأزق الذي واجهه المسؤولون الأمريكيون منذ البداية هو طبيعة الصراعات الداخلية وحدتها وتعقيدها في دول عديدة من القارة، والولايات المتحدة الأمريكية، كما جرت العادة، تريد ضمان وجودها بدون مغامرات عسكرية ولا خسائر بشرية، لتكتفي واشنطن في الوقت الحاضر بتدريب قوات أفريقية من داخل القارة للقيام بمهام حفظ السلام وإعدادها لإدارة الأزمات، كما تقوم بتزويد بعض حلفائها في السر من البلدان الأفريقية بأساليب الإنذار المبكر وأجهزته والمعونات التقنية والمنح التدريبية في مناطق مختلفة.
وبهذا فإن دولة تشاد الأفريقية ذات الموقع الجيوسياسي الاستراتيجي الذي يربط بين النيجر ونيجيريا وجمهورية أفريقيا الوسطى والكاميرون وليبيا والسودان ودارفور، وغناها بالموارد الطبيعية المختلفة من النفط والذهب واليورانيوم، جعلها نصب أعين المسؤولين الأمريكيين في عهد إدارة بايدن الحالية وهدفاً لمطامعهم. حيث تدعم واشنطن رئيس الوزراء سوكسيه ماسرا، الذي يرأس حزب “المتحولون” المعارض، والذي عاد من المنفى في نوفمبر الماضي بعد اتفاق مصالحة تم التوقيع عليه في كينشاسا في 31 أكتوبر ضمن له حرية مزاولة العمل السياسي.
فماسرا يعد من أبرز معارضي الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، وهو الذي وقف ضد ترشح الأخير للسلطة وخلق إحتجاجات واسعة في البلاد في أكتوبر/تشرين الأول 2022 عبر مناصريه، راح ضحيتها ما بين 100 و300 قتيل بحسب منظمات دولية غير حكومية. إلا أن ديبي عينه رئيساً للوزارة بعد قرار العفو العام الذي منحه نظامه “لجميع التشاديين، مدنيين وعسكريين”، في حدث أثار جدلاً في الأوساط السياسية في البلاد.
وواكدت الدراسة نقل عن  مصادر مطلعة، فإن ماسرا، خلال هذه الفترة من توليه المنصب، حضّ أنصاره على التصويت لصالح الدستور الجديد الذي يمهد لإجراء انتخابات، حيث صوّت 86% من المشاركين فيه بالإيجاب. كما خطط برعاية أمريكية لعقد اجتماع بين قادة الجماعات المتمردة التشادية التي تتمثل في مجلس القيادة العسكرية لإنقاذ الجمهورية “CCMSR” وجبهة التغيير والوفاق في تشاد “FACT” في قاعدة تمنهنت العسكرية بليبيا، في أوائل فبراير. هذا الإجتماع، وفق الأنباء، هدف الى تنظيم المعارضة المسلحة وبدء العمل على تقويتها عبر دعمها بالسلاح والمال من أجل إعادة تدويرها في الأزمة التشادية.
واعتبرت الدراسة أن جميع هذه التحركات وفق المختصين تخلق الظروف المواتية لإحداث ثورة ملونة على نظام ديبي وإسقاطه على يد ماسرا، الذي تم تلقينه في الولايات المتحدة أسس وتقنيات الإطاحة بالحكومات عبر مجموعات صغيرة من الناس مدربة خصيصًا خلف الكواليس. وهو بالتالي ما سيعزز الدور الأمريكي في هذه الدولة، خصوصاً بعدما طرد التشاديون الفرنسيين، الذين سيطروا على القرار السيادي لتشاد وإستفادوا من مواردها لوقت طويل.
وقالت الدراسة وان قاعدة إنطلاق هذه الثورة والعمل المسلح ستكون بين ليبيا والسودان، في حال فشلت مساعي ماسرا بإستلام زمام الأمور في البلاد عبر الإنتخابات التي يحاول عقدها، حيث تنتشر المعارضة المسلحة وتتلقى الدعم من قوى سياسية معينة في البلدين أهمها المشير الليبي خليفة حفتر الوارث الحقيقي لسياسة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي في تشاد، والقاضية بدعم الجماعات المتمردة لإبقاء حالة الفوضى في الجوار وبالتالي تحقيق الأمن الداخلي.
ولفت الدراسة ، إن الأمريكيون إستطاعوا الى الآن تثبيت أدواتهم للتغيير في الداخل التشادي والتي يعد سوكسيه ماسرا من أبرزها، كما كانوا عرابي الإجتماع المعقود بين القوى المتمردة في ليبيا، وهم يتحركون بإتجاه السيطرة على موارد تشاد وشعبها وقرارها السياسي، وفي حال فشلوا بقوتهم الناعمة، سيعملون على إعادة خلق الفوضى والنزاع المسلح بين الأطراف والقوى المتمردة والحاكمة لتسنح لهم فرصة التدخل المباشر وإبقاء يدهم على موارد البلاد من نفط ويورانيوم بالتحديد، كما فعلوا في سوريا والعراق وليبيا والصومال والعديد من مناطق العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى