عاجلمقالات

خالد محمد علي يكتب :عسكرة البحر الأحمر مظلة أمان لإسرائيل

 

منذ الثاني عشر من يناير 2014، تشن الطائرات الأمريكية والبريطانية هجمات موسعة على مواقع للحوثيين في اليمن، ردًا على هجماتهم على السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر.
وقد جائت الهجمات في إطار موجات هجومية وانتقامية متتالية توسعت فيها دول التحالف لتتجاوز مسألة الرد على استهداف السفن بالبحر الأحمر، إلى محاولة القضاء التام على قدرات الحوثيين، وهو ما عكسه ضرب مواقعهم في جميع المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرتهم، حيث استهدفت في اليوم الأول فقط 60 هدفًا في 16 موقعًا، بما في ذلك أنظمة الرادار والدفاع الجوي ومواقع تخزين وإطلاق الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية.
واستخدمت أمريكا وبريطانيًا في هجماتها عددًا من السفن الحربية، والطائرات، والغواصات، بما في ذلك طائرات تايفون التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني.
وزعمت دولتي العدوان أن هجماتهما جائت ردًا على 40 هجومًا حوثيًا على السفن المدنية والعسكرية في البحر الأحمر منذ أكتوبر الماضي.
وقالت أن الهجمات تهدف إلى إضعاف قدرة جماعة أنصار الله على شن هجمات على السفن التجارية وحماية حرية الملاحة والتجارة العالمية.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن الضربات قد تُجبر الجماعة على وقف هجماتهم على السفن التجارية، يرى آخرون أن الهجمات قد تؤدي إلى تصعيد الصراع.
دوافع العدوان
من المعلوم أن أمريكا وبريطانيا يقومان بتنفيذ تلك الهجمات شبه اليومية ضد جماعة أنصار الله لحماية الكيان الصهيوني الذي يقوم بأكبر عملية إبادة جماعية ضد الشعبى الفلسطيني، ويحاصر أبناء غزة، ويمنع عنهم الغذاء والدواء، وكل مستلزمات الحياة، فقد اشترط الحوثيون فك الحصار مقابل وقف الهجمات، ولكن يبدو أن مظلة الأمان والحماية الأمريكية والأوروبية للعدوان الإسرائيلي سوف تستمر فترة أطول لتنفيذ مخططات تهجير أبناء القطاع حتى لو كان ذلك على حساب مصالح الدولتين.
وإن كان صناع القرار في واشنطن ولندن يعتقدون أن تلك الهجمات الشاملة يمكنها أن تحمي مصالحهما في المنطقة من ناحية، وتبعث برسائل قوية إلى إيران أنها ليست بعيدة عن مرمى الصورايخ والطائرات الأمريكية البريطانية في المنطقة.
مخاطر على دول الجوار
ويرى المراقبون أن عسكرة البحر الأحمر ستؤدي إلى مخاطر كبرى على دول الجوار وحركة التجارة العالمية التي تعتمد بشكل أساسي على الأمن والاستقرار، وقد اختارت دولتي العدوان فرض الهيمنة، والغطرسة العسكرية، باستغلال فائض القوة العسكرية لديهما، بما ينتجه ذلك من آثار اقتصادية قاسية على دول المنطقة، بدلًا من الاختيار الأسهل وهو الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة، وفك الحصار عن أبناء الشعب الفلسطيني وفتح ممرات آمنة لمواد الإغاثة والدواء، وكلها ضرورات يطالب بها كل أحرار العالم ماعدا إسرائيل وحلفائها.
تداعيات الأزمة
ومع تصاعد العمليات يمكننا إبراز أهم تداعيتها في الآتي:
1. تصعيد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بسبب تحميل الولايات المتحدة الأمريكية إيران المسئولية عن مساعدة الحوثيين بالأسلحة والخبرات.
2. إطالة أمد الحرب الأهلية في اليمن بسبب انحياز قوات الشرعية والقوات الأخرى للجانب الأمريكي والبريطاني في مواجهة الحوثيين.
3. توسع مساحة التدخل الدولي في الأزمة اليمنية ومساعدة أطراف النزاع مما يصعب إنهاء الصراع.
4. قد تؤدي الهجمات إلى فتح مسار طويل الأمد للصراع بين الحوثيين والولايات المتحدة وبريطانيا؛ بسبب الضربات والرد الثأري من جانب الحوثيين.
5. عرقة خطة السلام السعودية لإنهاء الأزمة مع الحوثيين.
ولا يتوقع أن يوقف أنصار الله ضرباتهم على السفن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية بعد تلك الهجمات التي طالت قواعدهم فقتلت عدد من رجالهم، كما أن الجماعة الحوثية كسبت مساحات واسعة من الجماهير العربية والإسلامية التي رأت فيها نصيرًا حقيقيًا للمقاومة في غزة، وهو ما أكسبها شرعية عربية كانت تفتقدها باعتبارها حركة تمرد.
ويبقى أن العدوان الأمريكي البريطاني على الحوثيين والبحر الأحمر ليس لحماية التجارة العالمية كما تزعم دولتي العدوان، ولكنه مظلة أمان للدولة الصهيونية.

زر الذهاب إلى الأعلى