عاجلنحن والغرب

الخارجية الروسية: موسكو سترد بخطوات انتقامية ذات طبيعة عسكرية

 

“خاص – الوسط العربي”

أثارت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عاصفة كبيرة،حيث أشار لأول مرة إلى إمكانية إرسال قوات برية إلى أوكرانيا لشن حرب ضد روسيا.
الرئيس الفرنسي إيمانويل قال إن روسيا في عهد نظيره فلاديمير بوتين “خصم لن يتوقف في أوكرانيا” إذا لحقت الهزيمة بقوات كييف، في الصراع الدائر منذ عامين، وحثّ الأوروبيين على ألا يكونوا “ضعفاء” وأن يستعدوا للرد.
وعلي الرغم من اعتياد التصريحات المعادية التى يتم تبادلها بين دول حلف شمال الأطلسى من جهة والدب الروسى من جهة أخرى، إلا أن الأيام الماضية شهدت اشتعال فتيل الغضب من جانب موسكو إثر تصريحات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والتى جاءت مع انضمام السويد إلى الناتو، وهو ما قابله الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالتحذير من اندلاع حرب نووية حال تدخلت الدول الأعضاء بالحلف الأطلسى عسكرياً فى الصراع الروسى مع أوكرانيا.
وصرح ماكرون بعد اجتماع للزعماء الأوروبيين فى باريس أواخر فبراير لبحث سبل تعزيز الدعم الضعيف حاليا لكييف، أنه لا يوجد شىء مستبعد لضمان عدم فوز روسيا فى حربها، بما فى ذلك إمكانية نشر قوات برية فى أوكرانيا.

الكرملين يحذر

على الفور، أصدر الكرملين تحذيرا شديد اللهجة لحلفاء كييف فى الغرب، ونقلت وكالة أنباء “تاس” الرسمية عن المتحدث باسم الكرملين ديمترى بيسكوف قوله إن الصراع بين روسيا وحلف شمال الأطلسى بقيادة الولايات المتحدة سيصبح حتميا إذا أرسلت الدول الأوروبية الأعضاء فى الحلف قوات للقتال فى أوكرانيا.

دمتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين
وفى خطابه السنوى “حالة الأمة”، أمام مجلسى البرلمان الروسى، أشار الرئيس الروسى إلى التصريحات الأخيرة، المثيرة للجدل، لنظيره الفرنسى، قائلا: “تحدثوا عن إمكان إرسال وحدات عسكرية غربية إلى أوكرانيا.. لكن تبعات هذه التدخلات ستكون مأساوية”.

تابع بوتين: “عليهم أن يدركوا فى نهاية المطاف، أن لدينا أسلحة قادرة على إصابة أهداف على أراضيهم. كل ما يبتكره الغرب، يخلق خطراً فعلياً فى شأن نزاع باستخدام الأسلحة النووية”.

وفيما يتعلق بالرد على توسع حلف الأطلسى شرقا نحو الحدود الروسية،
وقالت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، بعد موافقة البرلمان المجرى على انضمام السويد للناتو، وهو ما كان يشكل آخر عقبة فى طريق انضمامها للحلف، إن موسكو سترد بخطوات انتقامية ذات طبيعة عسكرية وفنية إلى جانب خطوات أخرى”.

ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية
ماريا زاخاروفا

انضمام السويد للناتو تهديد للأمن الروسي

وحسب مراقبين، فإن انضمام السويد للناتو يشكل تهديدا متزايدا على الأمن الروسى، ويقول معهد “تشاتام هاوس” إن الموقع الجغرافى للسويد ييجعلها جزءا أساسيا فى أى خطط دفاعية لحلف شمال الأطلسى، حيث إن موقع السويد يمكنها لأن تكون بمثابة طريق عبور برى لتعزيز مواقع كل من النرويج وفنلندا، بينما تسمح أيضًا للناتو بالسيطرة إلى حد كبير على بحر البلطيق فى أى صراع محتمل مع روسيا، وهو ما يوفر خيار تعزيز بحرى بديل لدول البلطيق بخلاف الحدود البرية الضعيفة بين بولندا وليتوانيا والتى تقع ضمن نطاق المدفعية لمنطقة كالينينجراد التى تسيطر عليها روسيا وبيلاروسيا.
وفى ظل هذه الأجواء المشحونة، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية، وعدد من حلفائها الأوروبيين الرئيسيين، بما فى ذلك ألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وبولندا وجمهورية التشيك والسويد، إلى الإعلان عن عدم اعتزامهم إرسال قوات برية إلى أوكرانيا.

تصريحات الرئيس الفرنسي تثير قلقًا

لكن بعيدا عن التصريحات الرسمية لقادة بعض الدول الأعضاء بالحلف، تبقى التساؤلات مطروحة عن حقيقة ما تعنيه تصريحات الرئيس الفرنسى، ومدى استعداد دول الناتو لاتخاذ هذه الخطوة التى تهدد بإشعال حرب نووية، وهو ما تطرقت إليه الكثير من وسائل الإعلام العالمية فى الأيام الماضية.

 

فى هذا السياق، قال تقرير نشرته “رويترز” إن تعليقات ماكرون تتناسب مع طبيعته كدبلوماسى يحب كسر المحرمات وتحدى التفكير التقليدى، موضحا أن ماكرون من خلال التراجع عن استبعاد إرسال قوات برية غربية إلى أوكرانيا، فإنه كان يتحدى الرأى السائد القائل بأن مثل هذه الخطوة ستصعد بشكل خطير خطر اندلاع حرب عالمية بين الناتو وروسيا.

تصريحات ماكرون بدعم أوكرانيا
وتابع تقرير وكالة الأنباء البريطانية، أن تعليقات ماكرون قد يثبت أنها نافذة البصيرة وتمهد الطريق لمشاركة غربية مباشرة فى الحرب فى أوكرانيا فى وقت ما، لكنها تجازف أيضا بإضعاف الشىء نفسه الذى سعى ماكرون إلى تعزيزه باجتماع باريس- الوحدة بين الحلفاء الغربيين لأوكرانيا حيث تكافح قوات كييف من أجل وقف تقدم القوات الروسية.
ويقول الجنرال أونو إيشيلشيم ، كبير الضباط العسكريين فى هولندا، إن ماكرون كان على الأرجح يريد أن يوضح لبوتين أنه لا يوجد خيار خارج الحدود، وأضاف لـ”رويترز” خلال زيارة لمصنع للأسلحة فى جمهورية التشيك أن “هذا هو الخيار البعيد ولا أعتقد أن دول الناتو على استعداد للقيام بذلك. لكنك لا تعرف أبدًا ماذا يمكن أن يحدث بمرور الوقت”.

أسباب تغير الموقف الفرنسي بدعم أوكرانيا

فى السياق ذاته، رأت صحيفة “رزيكزبوسبوليتا” البولندية، حسبما نقل موقع الإذاعة الألمانية “دويتشه فيله”، أن “التغيير الجذرى فى موقف باريس من الحرب الأوكرانية يرجع إلى عدة عوامل، أولها الوضع متزايد الصعوبة فى أوكرانيا بعد سقوط أفدييفكا، وكذلك معاناة كييف من نقص كبير فى الذخيرة، إضافة إلى تردد الكونجرس الأمريكى فى الموافقة على الدعم العسكرى لأوكرانيا منذ أكتوبر الماضى، بينما لا تمتلك أوروبا حتى الآن القدرة الكافية لسد هذه الفجوة، ولذلك يخشى ماكرون أن تدرك روسيا أن هذه هى اللحظة المناسبة لتوجيه ضربة حاسمة لأوكرانيا”.
من جانبها، أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن النفى السريع من جانب نظراء ماكرون الأوروبيين أدى إلى حالة من الارتباك فيما يتعلق بوحدة الحلف وأثارت تساؤلات حول ما إذا كانت تصريحات الرئيس الفرنسى ترقى إلى مستوى التهديد الفارغ، خاصة أنه لدى الدول الغربية عدد من الخيارات لمساعدة أوكرانيا بخلاف إرسال قوات برية إلى منطقة الصراع، حيث تطالب أوكرانيا بالمزيد من الطائرات المقاتلة والصواريخ بعيدة المدى والذخيرة والدفاعات الجوية، للتمكن من التصدى للتقدم الروسى الذى دفع كييف إلى الانسحاب من مدينة أفدييفك.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن مناقشة إرسال دولة عضو فى الناتو قوات برية إلى أوكرانيا- والتى ينظر إليها معظم المحللين على أنها غير محتملة- طغت على أسئلة أكثر إلحاحا حول العجز فى الذخيرة الذى تعانى منه أوكرانيا على الجبهة.
ونقلت “نيويورك تايمز” عن أندرو إس. فايس، نائب رئيس الدراسات فى مؤسسة كارنيجى للسلام الدولى أن “السؤال الحاسم حقًا هو ما الذى يمكن للأوروبيين فعله للتعويض عن نقص الدعم العسكرى الأمريكى”، مؤكدا أن “كل شىء آخر هو مجرد كلام براق لصرف الانتباه عن هذا النقص.”
أما موقع “ذا كونفرزيشن” الاسترالى، فقال فى تقرير له فى سياق محاولة الإجابة عن السؤال “هل الناتو مستعد للحرب مع روسيا؟”، إن المشكلة الكبيرة التى يواجهها حلف شمال الأطلسى لا تكمن فى نشر قواته، بل فى تزويدها بالإمدادات، موضحا أنه كما تبين من الجهود المبذولة لتوفير المعدات والذخائر لأوكرانيا، فإن الحلف لا يملك المخزون ولا القدرة التصنيعية اللازمة لحرب حديثة طويلة الأمد.

 

لمزيد من الأخبار زوروا موقعنا: الوسط العربي وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك الوسط العربي

زر الذهاب إلى الأعلى